في قديم الزمان أي في الخمسينات اشتهر شعبنا بالانضباط و الكياسة و باللطف واحترام الصغير و حب تقديم الخدمة الاجتماعية بصدر رحب وكل تجاوز و انخرام في السيرة يقع التشهير به و استنكار ذلك الشذوذ …. ومرت الايام فإذا بنا نودع تلك الفترة الذهبية التي عشناها بمرها و حلوها و ندخل مرحلة أخرى غريبة على عاداتنا و تقاليدنا لتنتشر بين كل الطرقات و تصبح من الأشياء العادية … نعم بعد الانضباط و الكياسة و اللطف حلت محلها الاستخفاف والاستهتار و الغلظة والتهور و الوقاحة ولم يعد لأدب التعامل مكانة و لا حتى للقانون دور… اتحدى أي كان ان نقوم بجولة على الادارات الرسمية في أي توقيت و نجد كل الشبابيك مفتوحة و الأعوان في خدمة المواطنين.
في السنوات الأخيرة من المستحيل ان تفتح الشبابيك في الادارات ذات الطابع الاجتماعي في توقيتها الرسمي مع وجود كل الاعوان لأنهم يأتون الواحد تلو الآخر بخطوات بطيئة و بعد التثاؤب يشرعون في تنظيم الملفات ليتوجه اثر ذلك عبوسا قمطريرا الى المواطن و هذا أيضا في البريد و في جل البنوك التي كان يضرب بها المثل في الانضباط و في الأخلاق العالية … و هذا الاستهتار و الاستخفاف بالمواطن و بالحريف ينطبق على جنسين الشباب و الإناث بل ان العروس يتوفر اكثر عند الإناث و كأنهن يقمن باشغال شاقة و يقدمن خدمة مجانية و الادهى هنا ينطبق على العاملات في المفاجآت الكبرى فمن النادر ان تجد فتاة صاحبة ادب و لطافة و كياسة مثل زميلاتهن في الغرب… وحتى في الأسواق تغيرت المعاملات و لم يعد البائع يتغنى ببضاعته بل يحاول الغش بكل الطرق و الاساليب و لا بد من تكشيرة جاهزة عند دفع المعلوم لأن البائع يريد المبلغ بالمليم لأنه لا يملك ” الصرف ” احببنا أم كرهنا يجتاز المجتمع حاليا ازمة اخلاق حادة الكل يميل الى الاستخفاف و الاستهتار و التهور و اختفت الكلمات الحلوة العذبة و التحيات ذات الطابع التونسي الاصيل… يبقى أولاد الاصول يتمتعون بالأخلاق العالية و كما يقول المثل ” على الأصل دوّر”