يتساءل المرء أحيانا عن سر عدم ظهور أسماء لها مكانة في اختصاصها بينما هناك من هم أقل مكانة و مهنية يصولون و يجولون وفي أغلب الأحيان يتضح أن أصحاب المقدرة الحديدية لا يترددون و لا يلهثون وراء المسؤولين في حين أن الانتهازيين يطردونهم من الأبواب يقفزون من النوافذ يتوسلون و يذرفون الدموع و يستعملون كل وسائل الإغراءات و الملل .
و لهذه الأسباب يبقى العديد من الرياضيين و الفنانين و الممثلين و المؤلفين و الصحافيين و من عدة مهن رغم مهاراتهم و تألقهم و مقدرتهم في الظل و بعيدين عن الأضواء أي عن ممارسة مهنتهم أو هواياتهم. في أواخر الستينات حث الأستاذ عبد العزيز العروي في سمره مدير الإذاعة آنذاك محمد مزالي أن يبحث عن أصحاب المقدرة الحقيقية و يتصل بهم و يطلب منهم الاقتراحات و يعرض عليهم مهمّات دقيقة و حذّر عبد العزيز العروي مدير الإذاعة من الانتهازيين اللذين يصطفون أمام مكتبه و يقدمون له شواهد الاخلاص و يحاولون التقرب إليه بشتى الوسائل.
و فسّر كلامه من أن الواثق من عمله له عزّة نفس تمنعه من الانحناء و من التزلّف و من شرح نبوغه أو عبقريته في حين أن الانتهازي يتسلح بألوان النفاق و التمسكن و الذل و الكذب و الخداع لبلوغ هدفه …
و رغم مرور الأيام و تعدد التجارب و تلون المراحل فإن عزيز النفس يبقى في الظل بينما الانتهازي يبقى يصول و يجول و هذا واضح في الرياضة سواء على مستوى الفرق الوطنية أو حتى داخل النوادي و كذلك في الفن حين نجد البعض من المشاهير أنفسهم في شبه بطالة بينما آخرون ينتقلون هنا و هناك و بسهولة
مع الأسف الانسان ضعيف أمام التوسلات و الاغراءات و أحيانا الحسابات و لهذا هناك بلاء شديد في التألق و في النشاط الطبيعي لأن الانتهازيين لا يصلحوا لأي عمل مثمر و لا عزاء لـصحاب الأنفة و عزّه النفس
محمد الكامل