جريدة الخبير

السينما … بين الصناعة و النزوات

images sport

تحتفل مصر سنويا بيوم 16 نوفمبر كعيد للسينما في بلاد النيل و اختاره المؤرخون لأنه في يوم 16 نوفمبر 1926 تم عرض أول شريط سينمائي أنجز بأيادي مصرية خالصة بعد أن ظهرت تجارب أخرى بواسطة أجانب « أتراك و طليان و يونانيون و مالطيون و انقليز …»و لمّا شاهد رجل الأعمال و الاقتصاد المحنك « طلعت حرب « شريط « ليلى « لعزيزة أمير لاحظ أنه يمكن استغلال هذا النوع الجديد من الفنون في عالم الصناعة و تحويله إلى صناعة مثل الحديد و  الصلب و تحويل الصناعات القطنية و لم يكتف بالاقتراح الشفاهي بل جسّده في بعث «ستوديو مصر»  الذي انطلق في إنتاج الأفلام و بالفعل أصبحت السينما في مصر صناعة تدر العملة الصعبة إلى جانب طابعها الثقافي و الاجتماعي و لا يوجد من ينكر تأثير السينما المصرية في البلاد العربية و ذلك مهما قيل عن رداءة إنتاجها و مهما تسابق النقاد في نقد ذلك الإنتاج و إبراز عيوبه.

و في المقابل في بلادنا تفطنت حكومة الاستقلال إلى أهمية السينما فأرسلت الطلبة إلى الخارج و بعثت مصلحة في كتابة الدولة للأخبار و الإرشاد تعنى بشؤون السينما و ازدهرت نوادي السينما و أصبحت مضرب الأمثال في المنطقة العربية و ساهمت الدولة في إنتاج أفلام متنوعة المدّة و ابتكرت دعم الإنتاج و لكن كل الأعمال بقيت مجرد نشاط هواة و لم  يتمكن من اهتم بهذا الفن من التفاهم مع الجمهور و كأنهم ينجزون أفلاما لسكان المريخ و قيل الكثير عن إعجاب الأجانب بتلك الأفلام و إحرازها على جوائز و مع ذلك لم تعرف الانتشار و لا العرض على الشاشات أي لم تدخل المسلك التجاري.

و رغم مرور السنوات و ظهور أجيال جديدة بأفكار و معتقدات معاصرة بقيت السينما في بلادي لنخبة ضيّقة و لمهرجانات إقليمية بل هناك تشبث بالنزوات الشخصية … السينما هي فن و صناعة و تجارة و لم توفق الأجيال المتعاقبة على مزج هذه النظريات لأن الجوائز وحدها لا تنجز الأفلام و الإعجاب الشفاهي الذي هو مجرد مجاملة لا يدر نقودا لمواصلة الإنتاج و يشعر المتتبع للحركة السينمائية أن المجموعة الحالية لها نفس نظريات من سبقوها أي مطالبة الجهات الرسمية بالدعم و الاكتفاء بالنجاح النظري أو العذري أي عبارات إطراء لا تسمن و لا تغني من جوع و حان الوقت لتغيير هذه المواقف و جعلها تطابق الواقع لأن المجاملات تبقى مساندة أخلاقية للرفع من المعنويات و هذه عبارات عابرة فالسينمائي الناجح و السعيد من يرى الجمهور يقبل على مشاهدة عمله … و بلادنا تبحث عن « طلعت حرب « تونسي يؤمن بقيمة السينما.

محمد الكامل

غير مصنف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *