جريدة الخبير

23/01/2023
جريدة الخبير, أخبار الاقتصاد التونسي
31140935
lexpert.tn@gmail.com

السيد الياس فخفاخ وزير المالية الأسبق: المرحلة الانتقالية و الحكومات المتعاقبة لم تعط الاولوية للتشغيل

إلياس الفخفاخ وزير سابق

استضاف برنامج « l’expert « الذي يبث على قناة « تونسنا « السيد الياس فخفاخ وزير المالية الأسبق للحديث عن الاحتجاجات الاخيرة التي عرفها الشارع التونسي  للمطالبة بالتشغيل و فيما يلي نص الحديث:

بدأت الاحتجاجات للمطالبة بالتشغيل عادية في البداية و هي مطالب مفهومة لأن الاحتجاجات التي صارت سنة 2008 في الحوض المنجمي و الأحداث التي أدت الى الثورة في 2010 و بداية 2011 اسبابها مازالت موجودة و مازالت نفس المشاكل مطروحة لذلك نحن لم نستغرب من تجدد الاحتجاجات لان اوضاع الناس لم تتحسن فلا يوجد استثمارات و خلق مواطن شغل و كل الاحتجاجات عادية و يمكن تفهمها .

و في الحقيقة المرحلة الانتقالية و الحكومات المتعاقبة لم تعط الاولوية للتشغيل لان الاولوية كانت لضبط الدستور و خلق المؤسسات الجديدة و تنظيم الهيئات و الوصول الى الانتخابات و لم يكن هناك الوقت الكافي للتخطيط، وعند نجاح العملية الانتقالية و انتقالنا الى الوضع الدائم و المستقر بوضع مؤسسات دائمة و حكومة موجودة لمدة خمس سنوات و لديها جزء كبير يساندها في مجلس النواب، كنّا نظن ان العملية ستكون أقوى و أنجع و ستكون البداية في تحقيق المشاريع او على الأقل إعطاء الإشارة اننا بدانا و ذلك لطمئنة الناس خاصة و اننا تقدمنا في العديد من الإصلاحات و على الأقل دراسة الإصلاحات و المخططات و هنا راينا اننا أضعنا عاما كاملا و نحن لا نعرف الى أين ستمضي الحكومة و بعدها و منذ ان بدأت الحكومة في أزمة سياسية للحزب الحاكم التي أصبحت لها الاولوية في حلها على حساب حل أزمة البلاد و قد كان لذلك انعكاس كبير على عدم خروجنا من هذا الوضع و هو أدى الى احتقان الناس .

أنا عندما كنت وزيرا للمالية و عندما أغتيل الشهيد البراهيمي و دخلنا في اعتصام في باردو و وقف عمل مجلس النواب و التساؤل عن كيفية إيجاد الحلول و الوزير مهما كانت لديه العزيمة للعمل لا يمكنه ان يكون في عزلة عن الأحداث التي ستكون لديها انعكاسات فالشخص لا يمكنه في وضع عادي في الوقت الذي يكون فيه حزبه او الحكومة التي ينتمي اليها قابلة للتغيير و التحوير و هذا كله أضعنا فيه العديد من الوقت الذي بإمكاننا ربحه في الوضع الدائم و في الحقيقة نحن جئنا في فترة لم تكن لدينا في سنة 2012 و  2013 و حتى 2014  الوقت الذي كان فيه سعر البرميل في 120 دولار في الوقت الذي كانت الميزانية مخلوقة نبحث فيها عن 3000 مليار حتى نجعل صندوق الدعم يبقى على حاله، و اليوم يوجد متسع من الاريحية و هذا يساعدنا اضافة الى أن القطاع الفلاحة سنة 2015 ممتاز جدا ب 6٪ و قد كان من المفترض استغلال ذلك.

هنا أكدت انه يلزم إعطاء  الوقت للحكومة لأنها محاصة حزبية و هو شيء عادي و رئيس الحكومة كان مستقلا و اعطاءه فريقا للعمل معه و كان هنا لابد من اعطاءهم الوقت الكافي ثلاثة أشهر على الأقل لإعداد برنامج للعمل و بعدها ينطلقوا في العمل و للأسف مضى عام و لم نقم باي برنامج و لا يوجد اي وضوح بل طغت العملية السياسية على الوضع و خاصة المشكلة الكبيرة التي صارت في الحزب الاول و التي  طغت و أثّرت على عمل الحكومة .

و قد كان من الأجدر ان تقول الحكومة انها ستحكم البلاد لمدة خمس سنوات و انها ستتحمل مسؤولياتها رغم أننا قمنا بانتخابات ضد بعضنا، فتونس اليوم في حاجة ان يظل الجميع مع بعض و يحكموا مع بعض و نضع برنامجا واضحا نعلنه بكل صراحة و  يتمّ العمل به و نحن اليوم لم ننطلق في اي شيء و المشاكل ظلت هي نفسها و هذا ما جدد الاحتجاجات في صفوف المواطنين و الاحتجاجات لم تتجدد لان الأوضاع لم تتغير بل لان المواطنين لم يحسوا بان هناك أشياء قد تتغير اذ لا يوجد خطاب يبرز تبدل شيء او الإحساس بذلك فالإدارة بقيت كما هي و العمل اليومي زياد تعقيدا فالإدارة اليوم لديها نوع من الخوف و نوع من عدم الاستقرار الذي خلق لديها عدم الرغبة في أخذ القرارات.

و اصبح اليوم ثمّة تباطء كبير في العمل و لم نشهد او نرى اي شيء يبرز مكافحتها للفساد و بالنسبة للإصلاحات الكبرى فلم نقم باي إصلاح رغم انطلاقنا فيها كالإصلاح الجبائي  و اصلاح البنوك و مجلّة الاستثمار. و قد بدأنا بالإصلاح الجبائي و تمّ العمل فيه لمدة ستة أشهر و عمل فيه أكثر من مائة خبير .

و قد انطلقنا بوضع تصوّر فكل قانون مالي تتدخل فيه حزمة من الاصلاحات تهم التشريع و هذا أدخلناه منذ سنة  2014  في معالجة الكتل و في المعاملة نقدا و قد تم اتخاذ العديد من القرارات من قانون المالية لسنة 2014 و تمّ الزيادة جزئيا في 2015 و بعدها ثمّة اصلاح التشريع الجبائي و بعدها اصلاح الادارة الجبائية  و هذا لم نتقدّم فيه.

و في الحقيقة  و في فترة العام الذي عيّنت فيه على رأس وزارة المالية، وجدنا حضائر مفتوحة و لا يوجد أي هيكل يشرف عليه بل هيئة تجتمع كل شهر تقريبا، و هنا قمنا بخلق هيكل جديد سمّي بالكتابة القارّة و الذي ضمّ أحسن المراقبين من الميزانية و المحاسبة العمومية و الذي قام بتجميع الملفّات لمعرفة ما يوجد لدينا ففي أول البدء لم نكن نعرف ما الذي تمّ مصادرته و ما الذي لم تتم و لا نعرف حجمه بل نعرف بالتقريب و من يشرف عليه مؤتمن عدلي و من يشرف عليه مؤتمن قضائي و من تمت احالته سواء كانت شركات أو أراضي أو عقارات …  و بالنسبة للمصادرة  أصبح هناك هيكل اداري من أعلى الكفاءات تقوم بتحضير الملفات و لذلك لا يوجد أي تشكيك اليوم.

و في الحقيقة الدولة لم تكن مهيكلة  لأخذ الحجم الهائل من شركات خاصة فالدولة لم تكن مهيئة  و لا يوجد هيكل يشرف على هذه الحادثة و هنا وجب خلق الهيكل و التوجه الى الأسرع فالشركات الكبيرة وجب تنظيمها بسرعة و بيعها و ثمّة شركات واقفة عن العمل و ثمّة شركات  صغيرة و التي يوجد فيها مشاكل اجتماعية  و هنا وجب خلاص العمال و التفاهم مع المزوّدين…

ونحن كنا في حالة عجز ميزان  تجاري و عجز ميزانية  وصل الى ذروته خاصة في الضغط على صندوق الدعم و دعم المحروقات بالخصوص و التي وصلت في ذلك العام الى حجم 3500 مليون دينار أي مرّة و نصف حجم الميزانية و الذي كان دعما مباشرا لأن سعر البرميل كان مرتفع جدا.

و في ستة أشهر انطلقنا بستة فرق شارك فيها الجميع بنسبة 50 بالمائة للإدارة و 50 بالمائة لكل الهيئات بما في ذلك الخواص و هيئة المحامين و هيئة الخبراء المحاسبين و أساتذة جامعيين و انطلقنا في ضبط جزء من قانون مالية 2014 و هو أول قانون مالية يحدث فيه التصريف بعد التوسّع الذي ارتفع بنسبة عجز من واحد بالمائة سنة 2010 الى ستة بالمائة  لأننا لم نعد قادرين على التمشي نحو سياسة التوسع .

أردت أن أقول أننا في وقت وجيز و في ظرف حدث فيه اغتيالان، كانت لدينا عزيمة الاصلاح زيادة على لجنة الشفافية التي خلقناها و التي تحدّث عنها العالم فالشعب ليس لديه ثقة في الحكومة  لعدة تراكمات و لاسترجاع هذه الثقة أردنا أن تكون جمعيات المجتمع المدني حاضرة في الدولة على الأقل في التصرف في ميزانية المال العام فالميزانيات كلها موجودة على موقع الواب… و كان الهدف هنا استرجاع ثقة المواطن في الادارة و في التصرف .

و للحديث عن الأرقام فقد قمنا بنسبة نمو اثنين فاصل سبعة بالمائة و خفضنا في نسبة العجز و نحن اليوم في صفر فاصل خمسة بالمائة في وظرف كثر فيه الاغتيال السياسي و الاحتقان الاجتماعي و اعتصام الرحيل و الاطاحة بالحكومة  أما اليوم لدينا معارضة مسؤولة و كنا نستطيع القفز عن هذه الحالة و المطالبة بالتغيير و لكننا مسؤولين ومن ذلك الوقت نحن رجال دولة و مازلنا رجال دولة.

نجوى السايح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *