كنا قد بشرنا المواطنين التونسيين برقمنة الإدارة التونسية، منذ سنتين، و من هذا المنبر بالذات “برنامج L’EXPERT” و لكن مع الأسف وجدنا أنفسنا أمام تعقيدات جديدة، قيدت المواطن و زادت في تضييع و خسارة الوقت.. إذ لا نستطيع اليوم حتى استخراج مضمون عن بعد! و بالتالي لا يمكن مواكبة العصر و البلدان الأخرى بدون رقمنة. و لكن للأسف لا نزال مكبلين بالبيروقراطية و تعقيدات الإدارة التي لم نستطيع تطويرها إلى حد هذه اللحظة.
و يعتبر المواطن التونسي داعما كبيرا لرقمنة الإدارة، لما في هذه الرقمنة من ارتقاء بمستوى الخدمات.
إن الحديث في موضوع الرقمنة يطرح بطريقة آلية مسألة التجارة الإلكترونية، لذلك سنتحدث اليوم عن فترة التخفيضات، علما و أن التجارة الإلكترونية قد أثرت كثيرا على موسم التخفيضات، بما هو فرصة للتونسي لاقتناء كل ما يحتاجه بأسعار مقبولة عموما. خاصة و أن المقدرة الشرائية للمواطن تشكو من ضعف كبير، لذلك نجد أن الكثيرين ينتظرون هذه الفترة من أجل التسوق.
و من خلال دراستنا لموسم التخفيضات وجدنا أنه متأثر جدا بالتجارة الإلكترونية، إذ أصبحت هذه التجارة المستحدثة تتعامل أيضا بتقنية التخفيضات.. و لكن تبقى المقتنيات المتأتية من هذه التجارة موضع جدل واسع، ذلك أن الحريف قد تسوءه تلك السلع على مستوى الجودة أو الأسعار أو حتى خدمات ما بعد البيع.
تعتبر فترة التخفيضات جد صعبة على المستوى الإقتصادي، و قد كان التجار ينتظرونها بفارغ الصبر على أساس أنها قادرة على ضخ حركية ديناميكية في البلاد، كما أنها فرصة لتعاطي عمليات الشراء بأسعار معقولة… و لكننا شهدنا كمنظمة للدفاع عن المستهلك من خلال متابعتنا لهذا الشأن عزوفا كبيرا عن الشراء، و ذلك بسبب سوء الظروف الإقتصادية، من ما انعكس سلبا على التجار. هذا و تطرح فترة التخفيضات مشكل تداول التجار للبضاعة ذات الجودة السيئة، كما أن الأسعار المحورة غير صحيحة و مغالطة.. لذلك يجب على التونسي أن يتأكد من الأسعار قبل مجيء موسم التخفيضات، حتى لا يقع في مصيدة التجار المتحيلين.. و هذا الأمر طبعا لا يشمل كل التجار بل فقط أولئك الفاقدين للضمير و الشرف المهني.
يقوم القانون عدد 40 لسنة 1998 بتنظيم عملية التخفيضات في تونس، و يفرض على التاجر أن يقوم بعملية إشهار للأسعار، مع ضرورة وضع السعر المرجعي للبضاعة، ثم تحديد نسبة التخفيض فيها.. لذلك يجب على المواطنين معرفة أسعار البضاعة قبل دخول فترة التخفيضات. و تعتبر هذه الفترة أكثر نجاحا مع الماركات العالمية، و لكن هذا يضر كثيرا بالتجار و التجارة المحلية، و نحن في هذا الوقت في حاجة ماسة للإقبال على المنتوجات التونسية بسبب ضعف الإقتصاد، لذلك يجب على التجار و المصانع و المنتجين إخراج بضاعة جيدة للمواطنين، و ذلك حفاظا على حرفائهم و ضمانا لاستمرار تجارتهم. فليس من المعقول أن ينتظر التاجر و المصنع فترة التخفيضات من أجل إخراج السلع الرديئة، و إخفاء الجيدة منها إلى فترة ما بعد انتهاء موسم التخفيضات!
و نحن الآن في أشد الحاجة إلى التقارب بين التجار و المستهلكين من أجل إعادة الثقة و إنعاش الإقتصاد.