جريدة الخبير

السياسة هي الاقتصاد وعلى كل حكومة منتخبة أن تطبق برنامجها الاقتصادي

محمد علي المنقعي : آفاق تونس

بالحديث عن الاقتصاد الوطني وتقييم فترة ما بعد ثورة 14 جانفي، نجد أن بعض القطاعات حققت استقرارا مثل قطاع تكنولوجيا المعلومات  في المقابل  نجد أغلب القطاعات تعيش أزمة كارثية منها قطاع الفسفاط وقطاع استخراج المواد النفطية رغم أنها كانت في ما مضى ركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني، ثانيا القطاع السياسي الذي تضرر بصفة كبيرة لأسباب أمنية وسياسية معروفة، طبعا بالإضافة إلى تدهور أوضاع بعض القطاعات الثانوية.

وفي نطاق متصل نلاحظ أن مشكل تونس الأساسي يتمثل في توازنات المالية العمومية وما تشهده من انخرام عام، فالفرق شاسع ما بين النفقات ومداخيل الدولة، بالإضافة إلى تفاقم مشاكل العجز التجاري منها انزلاق قيمة الدينار إلى مستويات كارثية كان لها انعكاسات سلبية على سير كل القطاعات وعلى الاقتصاد، من جهة أخرى نجد وضع ميزان المدفوعات وما يعانيه من نتائج سلبية خاصة في ما يتعلق بعائدات التونسيين بالخارج، وبالتالي يشهد الاقتصاد الوطني مرحلة صعبة بنسبة نمو ضعيفة جدا .

من جهة أخرى بعد الثورة  خسرت تونس الامتداد الاقتصادي في السوق الليبية التي كانت متنفسا للاقتصاد الوطني، حيث خسرت عديد القطاعات مصالحها في ليبيا جراء الثورة الليبية مثلا شركة تونس الجوية، وبالتالي جدت عديد التغيرات التي ساهمت بصفة مباشرة في تدهور الوضع الاقتصادي.

 كما نعتبر أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة لم تسير دواليب الدولة كما يجب حيث دخلنا في تجربة سياسية ائتلافية كانت تجربة جديدة على الماسكين بدواليب الدولة مما ساهم في فشلها.

وعن علاقة الاقتصاد بالسياسة أوافق السيد لؤي الشابي أن السياسة هي  الاقتصاد والاقتصاد هو سياسة، وفي إخفاقنا سياسيا أخفقنا اقتصاديا، ففي الفترة الأولى بعد 14 جانفي أخفقنا سياسيا حيث انتخبنا مجلسا تأسيسيا إذ به ينقض على الحكم ويقوم باستراتيجيات، وكذلك حكومة المهدي جمعة التي كان من المفروض أن تكون حكومة تصريف أعمال أي حكومة التحضير للانتخابات لكن سرعان ما قدم استراتيجيا، ثم نجد فترة 2014 وهي فترة إخفاق سياسي بامتياز، لان السياسيين يضطلعون بدور تسيير شؤون الدولة وهي حكومة ائتلافية ملزمة بتنفيذ برنامج مشترك وهذا لم يتم، من جهة أخرى تعيين رئيس حكومة مستقل وجل الوزراء مستقلين صلب حكومة ائتلافية وهذا غير منطقي ولا يستقيم، وبالتالي الفشل السياسي انعكس سلبا على الوضع الاقتصادي.

في ذات الإطار وفي علاقة بقانون المالية، نعلمكم أن مشروع قانون المالية يصل إلى مكاتب الأحزاب قبل أسبوع أو أسبوعين من المصادقة عليه بمجلس الوزراء، وبالتالي الأحزاب المشاركة في الحكم لا تشارك في صياغة قانون المالية ، مع العلم أن قانون المالية يترجم التوجهات السياسية أو يصبح قانون بيروقراطي ومنه لا حاجة لنا بالانتخابات ومن ذلك أخفقنا في تسيير ائتلاف حكومي، إذا الفشل الاقتصادي له علاقة كبيرة في فشل تسيير شؤون الدولة، ونحن كسياسيين نتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الفشل.

مع ذلك لا ننكر الانجازات الهامة للثورة أولها الديمقراطية وحرية التعبير وعديد المكاسب التي من شأنها النهوض بالشأن السياسي الاقتصادي في تونس.

index

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *