اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الاوروبي لسنة 1995 دمرت النسيج الصناعي الوطني ومشروع التبادل الحر الشامل والمعمق سيدمّر بلا شك قطاعي الفلاحة والخدمات
إعداد: هاجر عزّوني
دخلت تونس في مفاوضات حول مشروع اتفاق التبادل الحر المعمق والشامل مع الاتحاد الأوروبي وهو حسب منظّريه «يؤسس لفضاء اقتصادي مشترك». وقد تم اعتماد مخطط العمل للشراكة المميزة بين تونس والاتحاد الأوروبي سياسيا منذ نوفمبر 2012 الذي وقع عليه آن ذاك السيد حمادي الجبالي رئيس حكومة الترويكا المنبثقة عن انتخابات 2011 دون استشارة أي طرف والذي تم التوقيع عليه من طرف السيد مهدي جمعة رئيس حكومة التكنوقراط خلال الدورة العاشرة لمجلس الشراكة التونسي الأوروبي الذي انعقد يوم 14 أفريل 2014 أيضا دون أي استشارة ودون أي احتراز.
و حسب ما تُسوّق إليه وزارة التجارة فإن هذا المشروع « يندرج ضمن مسار التطور الطبيعي للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين تونس والاتحاد الأوروبي بعد استكمالها لإرساء منطقة التبادل الحر للمنتوجات الصناعية في جوانبها التعريفية» طبقا لاتفاق الشراكة الموقع سنة 1995 من القرن الماضي.وقد سبق أن وجّهت وزارة التجارة رسالة بتاريخ 22 جويلية 2014 لبعض المنظمات المهنية لتشريكها وأخذ رأيها بخصوص «اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق» الذي يرمي الى تحرير الخدمات بالإضافة إلى المنتوجات الفلاحية.
فقد اتخذت رئاسة الحكومة عددا من الإجراءات التي تهم القطاع الفلاحي وفي مقدّمتها تحرير التصدير دون أي تضييق أو تحديد زمني وكميّ وإحداث لجنة وطنية للنظر في التوريد وتفعيل صندوق الإجاحة وإعادة هيكلته بداية من جانفي 2016.
كما تقرر تقنين اللجان المحلية للأعلاف لمراقبة توزيع الأعلاف المدعمة خاصة مادتي السداري والشعير وذلك إثر لقاء برئاسة الحكومة جمع السيد الحبيب الصيد بالمكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري اليوم.
كما تم الاعلان عن اعتزام الحكومة إستيعاب 10 ملايين لتر من الحليب لتوزيعها على الهياكل المعنية التابعة لها، وذلك قصد التخفيف على مركزيات الحليب وللتقليص من كميات الحليب التي يقع التخلص منها. ويضاف إلى ذلك اقرار الرجوع إلى نظام الحصص في قطاع الدواجن باعتبار ما سببه تحرير هذا القطاع سنة 2011 من تضخم للانتاج واغراق للسوق. ونظرا لهذه الأسباب تباينت المواقف وتضاربت لدى الخبراء الاقتصاديين والمسؤولين من مختلف الميادين، فمنهم من يعتبر هذه الاتفاقية فرصة لتونس للخروج من سباتها الاقتصادي ومنهم من أقرّ بوجوب هذه الاتفاقية مع بعض المؤاخذات ومنهم من يرفض هذه الاتفاقية تماما واعتبرها اضمحلال للسيادة الوطنية واستعمار شامل.
وهو ما دفع جريدة «الخبير» أن تتصل بهذه الأطراف وتسليط الضوء على هذا الملف الشائك الذي يُعتبر نقلة هامة للشعب التونسي. نقلة قد تقفز بتونس إلى ركب البلدان المتقدّمة وتجعلها منافسا قويّا للاتحاد الأوروبي أو تنزل بها إلى آخر المراتب وتسبّب لها الانهيار الاقتصادي والخراب الكلّي.
لذلك تمحورت أسئلتنا حول انتظارات تونس من تحرير قطاعي الخدمات وخاصة الفلاحة إذ هل يمكن الحديث اليوم عن قطاع هش وضعيف في غياب التكافؤ بين تونس الاتحاد الاوروبي التي تتمتع بدعم السياسة الفلاحية المشتركة على مستوى الاتحاد الاوروبي وما هي تداعيات هذه الشراكة؟
وكانت اجابات الخبراء والمسؤولين، سواء الذين هم موافقون على مشروع أتّفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق بين تونس والاتحاد الاوروبي الخاص بتحرير قطاعي الفلاحة والخدمات ثمّ رأي من هم بين المنزلتين وأخيرا من هم ضدّ هذه الاتفاقية، كما يلي:
محمد الظريّف (دكتور وعضو حزب آفاق تونس)
«مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق يمكن أن تكون فرصة لتونس في نطاق المخـــــطّط 2016_2020»
المفاوضات التي انطلقت بين تونس والإتحاد الأوروبي تحت مسمى اتفاق الشراكة الكامل والعميق ALECA تندرج في سياق مخطط العمل المبرم بين الطرفين في سنة 2012 (plan d>action 2013 -2017) وهذا المخطط يرسم الخطوط الكبرى للشراكة بين الطرفين في جميع المجالات الأمنية والاستخبارية والاقتصادية والثقافية والعلمية والمالية والتجارية وغيرها والإطلاع على هذا المخطط هام جدا لأنه يتضمن تعهدات الطرف التونسي بالقيام بجملة من الإصلاحات مقابل حصول تونس على مرتبة الشريك المميّز مع الإتحاد الأوروبي.
ففي قطاع الفلاحة والصيد البحري تم الاتفاق في الدعامة السابعة pilier 7
الفقرة 1-7الفلاحة والصيد البحري النقطة 75ص 38
على تسعة محاور وهي:
– دعم وضع برامج سنوية للتنمية الفلاحية والريفية (ENPARD).
– دعم وضع إستراتجية وطنية للتنمية الفلاحية وتعزيز الأمن الغذائي والإستغلال المستدام للموارد الطبيعيّة وتعزيز التصدير والتأقلم مع التغيرات المناخية.
– متابعة وتعزيز التعاون وتبادل المعلومات والخبرات في مجال السياسات الفلاحية
– دعم رفع مستوي القطاع الفلاحي للضيعات الفلاحية والمؤسسات الفلاحية والهياكل الداعمة لها.
– تطوير وتدعيم المؤسسات المهنية التونسية في مجال الفلاحة بتحسين التمثيلية داخلها وجدواها في ترويج وتنظيم القطاعات الفلاحية والصناعات الفلاحية.
– تعزيز الشراكة بين الهياكل المهنية الفلاحية التونسية ونظيرتها الأوروبية لتطوير دورها في الإحاطة في مجال التكوين والتعميم والإرشاد والتسويق.
– وضع سياسة إستراتجية وطنية للفلاحة البيولوجية ودعم تطابقها مع التشريعات والسياسات الأوروبية.
– وضع سياسة إستراتيجيّة وطنية في قطاع الصيد البحري للاستغلال المستدام لموارد مصائد الأسماك وتعزيز البنية التحتية للموانئ وتثمين منتوجات الصيد البحري ورفع قدرتها التنافسية وترويج تربية الأسماك في المياه العذبة.
– تطوير التعاون مع الإتحاد الأوروبي في إطار المنظمات الجهوية لإدارة الصيدORPs) ( CICTA
(CGPM) لاستغلال مستدام للموارد
غير أن هذه القرارات على شموليّتها لم تكن مرقّمة ولم تبيّن الأهداف الواضحة
التي يتحتم بلوغها ولا الاعتمادات المالية المرصودة لتحقيقها ويبقى كل هذا من مشمولات المفاوض التونسي في المرحلة الحالية.
وفي مجال الخدمات تطرق مخطط العمل إلى جميع القطاعات من تعليم وصحة وسياحة وصناعات تقليدية ونقل وثقافة وتعليم عالي وبحث علمي وغيرها وركّز على أهمية تطوير وتحسين قدرات هذه القطاعات والرفع من جودتها وتنافسيتها وأكّد على التزام الإتحاد الأوروبي على العمل مع الجانب التونسي لبلوغ ذلك دون تحديد الأهداف المرسومة والحاجيات اللازمة لذلك.
والمهم هنا هو الإشارة إلى أنّ هذا المخطط قد أمضي من حكومة السيد حمادي الجبالي والتي لم تولى اهتماما كبيرًا بتفاصيل هذا المخطط على الرغم من أهميته وأهمية الشراكة بين تونس والإتحاد الأوروبي.
إنّ التفاوض اليوم يشكّل حلقة جديدة لتطوير الشراكة بين الطرفين ولا نتصوّر أن تتخلى تونس على هذه الشراكة التي مثلت ولا زالت حوالي 80 ٪ من حجم مبادلات تونس الخارجية وكل مطالبة بذلك لا يعدو أن يكون من باب العبث أو عدم الإحساس بالمسؤولية.
من البديهيّ أن تتفاوض تونس ولكن الأهم هو كيف تفاوض، ومن هو الفريق الذي سيقود عملية التفاوض وخاصة ما هي الحدود السياديّة التي يتحتم التمسّك بها وعدم المساس بها.
على المفاوض التونسي أن يحمل بقوة المصالح الوطنية المرطبة بالظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولأنها مضطربة فهي تشكل خطرا على الجميع فأوروبا مدعوّة إلى توفير كل ما يمكّن تونس من التغلّب بصفة كاملة على الصعوبات التي تعترض لها والمطالب التونسية يجب أن تكون قوية وجريئة تضمن الخروج من الأزمة وبأقل التكاليف.
ويجب أن لا ننسى أنّ أوروبا ليست جمعية خيرية وستستميت في الدفاع عن مصالحها وهذا أمر جد طبيعي ولكنها في أشدّ الحاجة إلى شراكة قوية مع تونس وستطالبنا بفتح أسواقنا و محاربة الهجرة غير الشرعية ورفع القيود الجمركية والقوانين الحمائيّة على اقتصادنا ورفع الأسرار البنكية والتعامل معها في مجالات المخابرات والاستعلامات ومقاومة الجريمة المنظّمة.
ولكنها ستطالبنا أساسا وطالبتنا بالقيام بإصلاحات في عديد المجالات والمطلوب هو أن لا تنصاع تونس وأن لا ترضخ إلى كل هذه المطالب بل أن تختار منها ما هو حقا في مصلحتها ومصلحة التونسيين دون سواها على غرار ما قامت به تركيا ورومانيا وبولونيا وغيرها من الدول التي فاوضت الإتحاد الأوروبي أو ما زالت تفاوضه.
هناك من يعتبر هذه المفاوضات خطيرة على السيادة الوطنية وتأشّر إلى رجوع الاستعمار عن طريق الاقتصاد وهذا يمثل قصر في النظر و قبول بالانغلاق والعزلة المدمّرة أو يتوهم أن البديل هو التفاوض مع بلدان مثل الصين وماليزيا وكوريا و غيرها ويعتقد أن الأمور ستكون أسهل مع هذه البلدان وهذا وهم خطير لأنّ الأصل أن نتعامل ونتفاوض مع الجميع في حدود المصلحة الوطنية لبناء دولة العلم والرخاء التي جعلت منها الوثيقة التوجيهية للحكومة الحالية الهدف الأسمى للخماسية القادمة.
لقد بدأت تونس المفاوضات ونطالب بكل قوة الفريق المفاوض أن لا يفرط في أي مصلحة وطنية وألاّ يمضي على أيّ اتفاق لا يسمح لتونس بالتقدم بسرعة إلى إنجاز ما جاء في الوثيقة التوجيهية والتي أتمنى أن يكون التونسيون جميعا قد اطّلعوا على محتواها كما أتمنى أن يطّلعوا على محتوى مخطط العمل 2013 -2017 حتى يتفهّموا صعوبة الدور الموكول للمفاوض التونسي ومن هو المسؤول على إضعاف الموقف الوطني وخاصة ما هو المطلوب في المرحلة الحالية للدفاع بشراسة عن مصالح الوطن العليا خلال مفاوضات لا يمكن لتونس التنصّل منها حسب مخطط العمل الممضى من الترويكا.
عبد الخالق عجلاني (عضو تنفيذي باتحاد الفلاحين)
«المشوار مازال طويلا أمامنا والنجاح غير مستحيل»
إن انتظارات تونس من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوربي (ALECA) هي نفسها التي يطمح لها الفلاحون وكل أبناء تـــونـــس منذ عقود، ألا وهي:
1.فلاحة عصرية ذكية ومستدامة قادرة على تأمين الغذاء للشعب التونسي وكذلك على اقتحام الأسواق الخارجية.
2.استثمار مدروس وعقلاني
3.الرفع من مداخيل الصادرات مقارنة بمدفوع الواردات (من خلال الرفع من القدرة التنافسية)
4.تنمية فلاحية شاملة:
•هل تغيرت الأوضاع نتيجة سياسات جديدة أم أن دار لقمان على حالها؟
•هل الواقع العقاري أصبح غير مشتت وكل شبر من التراب التونسي تحدّدت ملكيته؟
•هل كل المستغلات والضيعات الفلاحية لها مسالك وطرقات؟
•هل وقع كهربة العديد من الآبار؟
•هل رممت شبكات الري المهترئة والتي أنجزت في الستينات والسبعينات من القرن الماضي؟
•هل أنجزت سدود جديدة وكم هي قدرة تونس في التحكم في المياه؟
•هل وقع دعم البحث العلمي وتنزيل البحوث إلى الفلاحين؟
•هل وقع التخفيض من نسبة الأمية (70%)؟
•هل تجمع الفلاحون في شركات أو تعاونيات (80% هم من صغار الفلاحين)؟
•هل أقنعنا الشباب بعدم العزوف على العمل الفلاحي (معدل60 سنة)؟
•هل لم تعد هنالك مديونية خانقة
•هل بكل هذا يمكن الرفع من المردودية؟
•هل وهل و هل…
نتيجة لكل هذا ومثله:
هل نحن قادرون على منافسة فلاحة أوربية لها:
•200 سنة منذ بداية تصفية الأوضاع العقارية بفرنسا 15/07/1807، وألمانية 1815 بل هنالك عقارات بالنمسا منذ 1724.
•فالطرقات المعبدة وأعمدة الكهرباء ذات الجهد المتوسط نقلت إلى قمم الجبال وإلى كل ضيعة
•دعم الفلاحة على مستوى الاستثمار والانتاج من الاتحاد الأوربي ومن الحكومات الفدرالية وكذلك المحلية…
•تجميع الفلاحين في تعاونيات و شركات…
ولا تسأل عن البحوث العلمية والقيمة المضافة لكل المنتوجات بل لكل منتوج سلسلة قيم مضافة من المواد الأولية إلى المستهلك.
فالمشوار ملا يزال طويلا أمامنا وهو غير مستحيل إن نحن قرّرنا البدء.
ومع ذلك في انتظار بنود الاتفاق الخاص بتحرير القطاع الفلاحي والذي لم نطلع عليه إلى تاريخ كتابة هاته الأسطر فالمطلوب هو إيجاد:
•دراسة انعكاسات نتيجة هذا الاتفاق بأرقام تونسية وأقلام وعقول الغيّورين على هذا الوطن واعتبار الفلاحين والمتداخلين في منظومة الإنتاج ركيزة أساسية.
•نشر كل النتائج بحلوها ومرّها وإعلام الشعب التونسي بذلك وإعلان حوار وطني يشارك فيه كل أبناء الوطن.
عبد الباسط السماري(الكاتب العام لجمعية «استشراف وتنمية» جمعية)
«لسنا ضدّ الاتفاقية ولكن لنا بعض المؤاخذات»
نحن لسنا ضدّ الاتفاقية ولكن لنا بعض المؤاخذات لأنّ هناك 40 % من المؤسسات الاقتصادية في تونس قد يندثر في حال تم تطبيق اتفاقية تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي. ويرتبط الاتحاد الأوروبي وتونس بـ»اتفاقية شراكة» وقعاها سنة 1995.
وكانت تونس أوّل بلد جنوب البحر المتوسط يوقّع مثل هذه الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي، وبموجبها أقام البلدان منطقة تبادل حر تشمل فقط المنتجات المصنعة.
فلا بدّ للحكومة من التشاور والتحاور مع كلّ المعنيّين قبل بدء المفاوضات مع الطرف الآخر لنضمن للشعب التونسي ما هو خير له.
جمال الدين العويديدي (مختص في الاقتصاد وصناعي وناشط سياسي)
«هذه الاتفاقية يمكن أن تؤدي إلى اضمحلال ما لا يقل عن 48 % من المؤسسات الوطنية»
تأتي هذه المبادرة حول مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق والذي سيشمل المنتوجات الفلاحية والخدمات كتتمّة لاتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس الذي تم توقيعه منذ سنة 1995 والذي تم بمقتضاه تفكيك المعاليم الجمركية على المنتوجات الصناعية بين الطرفين في خطوة تهدف إلى ضم الجمهورية التونسية إلى منظومة الاتحاد الأوروبي بمعادلة تجعل من تونس تخضع لكل الفصول الملزمة دون أن تنتفع بالجوانب الإيجابية لهذه الشراكة كمثيلاتها من بلدان الاتحاد الأوربي.
وهنا الموضوع لابد من التذكير بأن اتفاق الشراكة الذي تم توقيعه في سنة 1995 والذي يعتبر في الحقيقة اتفاقية تجارية بحتة تم بمقتضاها تفكيكك المعاليم الجمركية على المنتوجات الصناعية بين الطرفين لم يكن مشفوعا بدراسة استشرافيّة من طرف الحكومة التونسية آنذاك لاستبيان تداعياته على الاقتصاد الوطني بصفة عامة وتأثيره المباشر على المؤسسات الوطنية الخاصة منها و العامة خاصة و أن البنك العالمي قد حذر في سنة 1994 من أن هذه الاتفاقية يمكن أن تؤدي إلى اضمحلال ما لا يقل عن 48 % من المؤسسات الوطنية نظرا لعدم استعدادها لتحمل ضغط المنافسة للشركات الأوروبية لعدم التكافؤ في المستوى التكنولوجي و العلمي و الحوافز المالية و الإدارية لدى الطرفين. كما أن هذه الاتفاقية لم تخضع إلى حد اليوم إلى أي دراسة تقييميّة شفافة وموضوعية ومعلنة للعموم للوقوف على مدى تداعياتها على المسيرة التنموية للبلاد.
لكن رغم هذا التعتيم فإن هناك معطيات تبين أن تداعيات هذه الاتفاقية كانت سلبية على المستويات التالية:
– أولا أن تفكيك المعاليم الجمركية التدريجي على المنتوجات الصناعية الموردة من الاتحاد الأوروبي أدى إلى فقدان ما لا يقل عن 24 مليار دينار للخزينة الوطنية في المدة المتراوحة بين سنة 1996 وسنة 2008 أي ما يعادل نصف المديونية للبلاد حاليا.
– ثانيا أن هذه الاتفاقية أدت إلى اندثار النسيج الوطني الصناعي المحلي بنسبة قدرت ب55 بالمائة في المدة بين 1996 و2010 حسب ما تبين من خلال دراسة قام بها المعهد الوطني للإحصاء بتعاون مع البنك الدولي صدرت سنة 2013. https://escortstars.ch. وقد شمل هذا الاندثار أهم القطاعات المتعلقة بالتشغيل مما أدى إلى تفاقم البطالة و انسداد الآمال في التشغيل داخل البلاد وهذا ما يفسر تفشي ظاهرة الهجرة السرية التي لم تكن معهودة في بلادنا قبل سنة 1995 .حيث يقدر عدد مواطن الشغل المفقودة بين 300 ألف و 500 ألف موطن شغل في المدة بين 1996 و 2010.
– ثالثا أن المؤسسات الأجنبية المنتصبة في بلادنا كانت موجودة منذ قانون 1972 ولم تكن وليدة اتفاقية الشراكة. هذه المؤسسات المنحصرة أساسا في قطاعات النسيج والملابس والجلد والأحذية والتي أضيف لها لاحقا قطاع الأشرطة الكهربائية واللوحات الإلكترونية تعتمد على اليد العاملة الغير مختصة بالنظر لتدني الأجور ولا تستوعب طالبي الشغل من حاملي الشهادات العليا المتدفقة سنويا في سوق الشغل.
– رابعا هذه المؤسسات تنحصر مساهمتها في القيمة المضافة للاقتصاد التونسي حصريا على الأجور الصافية بعد خصم المنح التي تدفع لها من ميزانية الدولة حيث أنها لا تتزود من المؤسسات التونسية إلا بنسبة ضئيلة جدا بينما تتمتع بالإعفاء التام من دفع الضرائب الموظفة على المؤسسات المحلية كما تتمتع بمنح قدرها البنك الدولي في تقريره الصادر في سنة 2014 بعنوان «الثورة الغير مكتملة» بقيمة مليار دولار أميركي سنويا أي ما يساوي حاليا ملياري دينار في كل سنة مما يمثل نسبة 7,4 بالمائة من الميزانية الحالية للدولة كما تتمتع بالترخيص في تسويق 50 بالمائة من منتوجها في السوق التونسية دون آلية مراقبة جدية والحال أنها انتصبت على أساس التصدير الكلي و ذلك في خرق صارخ لقانون المنافسة نظرا إلى أن هذه المؤسسات خير خاضعة لدفع الضرائب.
– ثم كذلك هذه المؤسسات الغير مقيمة و المفروض أن تكون مصدرة كليا يتم إدماج مبادلاتها التجارية في الميزان التجاري للبلاد و الحال أنها غير خاضعة لقانون الصرف الصادر عن البنك المركزي التونسي و الذي متعها بعدم الالتزام بإرجاع المبالغ المتأتية من التصدير إلى الوطن التونسي و هذا المغالطة تمكن السلطة من التقليص المزيف في العجز التجاري ليصبح في حدود 13,6 مليار دينار في سنة 2014 والحال أنه بلغ 20,4 مليار دينار.
– ومن التداعيات المباشرة لهذه العجز الهيكلي و العميق للميزان التجاري و الذي يدل على تدهور كبير للمنظومة الإنتاجية الوطنية نلاحظ انهيار سعر الدينار التونسي الذي تراجعت قيمته من 1,19 لليورو الواحد في سنة 2000 إلى 2,2 لليورو الواحد حاليا مما عمق قيمة المديونية السابقة و الحالية للبلاد بقرابة الضعف بفارق صرف العملة فقط زيادة على اللجوء المطرد لمزيد من المديونية نظرا لما تشهده البلاد من تراجع في الإنتاج و النمو الاقتصادي.
أمام هذا التعتيم على التداعيات الحقيقية لاتفاق الشراكة الموقع في سنة 1995 والذي تم بمقتضاه تفكيك المعاليم الجمركية على المنتوجات الصناعية يتقدم إلينا الاتحاد الأوروبي بمشروع جديد غير متكافئ بتاتا وهو في الحقيقة يعتبر تتمة للاتفاق السابق حيث تم التنصيص عليه ليشمل ما تبقى من القطاعات الاقتصادية و بالتحديد قطاع الفلاحة و قطاع الخدمات في وقت لم يتم فيه تقييم تداعيات الاتفاق السابق و في الوضع الصعب الذي تواجهه البلاد خاصة على المستوى الاقتصادي الذي يعاني من ركود و ضعف في المنظومة الإنتاجية الوطنية و عجز تجاري و مالي بات ينذر بالخطر و تنامي نسبة البطالة و الفقر خاصة في الجهات الداخلية فإن هذه المبادرة ليست في مكانها و لا في أوانها بالمرة رغم ما نعلمه من ضغط صادر عن الطرف الأوروبي لفرض مثل هذا الاتفاقية التي ستكون وبالا على القطاعات الوطنية و التي ترتقي إلى مستوى التعامل بجبروت و هيمنة على بلد أنهكه انعدام الحوكمة الرشيدة و تفشي الفساد و الانخرام الكامل لمؤسسات الدولة حيث تتراوح نسبة الاقتصاد الموازي بين 40 و 54 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي و الذي كان الاتحاد الأوروبي يهلل لها في السابق ويوزّع عليها في شهادات الاستحسان الزائفة.
لذا نعتقد أنه يجب على الدولة التونسية أن تلتف حول شعبها بكل مكوناته الوطنية من أحزاب و منظمات مهنية و جمعيات مدنية للوقوف صفا واحدا ضد هذا المشروع الذي يغلب عليه طابع الهيمنة للاستفراد بالبلاد و الانقضاض على خيراتها خاصة و أن هناك حراكا عالميا بدأ يتبلور بقوة لرفض تمرير مثل هذه المشاريع الذي لا ينبغي فصلها عن المفاوضات التي تجري بين الاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة فيما يسمى اتفاق الأطلسي و الذي ترمي من ورائه الولايات المتحدة بسط نفوذها على المنطقة الأوروبية و ما جاورها جنوبا وشرقا في خطة استباقية للمنازلة التي تتهيأ لها مع المارد الاقتصادي الصاعد الذي تمثله الصين. و عليه لابد علينا أن ننأى ببلادنا عن هذه التجاذبات العالمية التي ليس لنا فيها أي باع
فوزية باشا (محامية ورئيسة جمعية المحافظة على الثروات الطبيعية)
«اتفاق الاستعمار الشامل والمعمق للاتحاد الأوروبي بتونس»
إنّ تحرير القطاع الفلاحي مع مجلة الاستثمار الجديدة سيؤدّي حتما إلى امتلاك الأجانب للأراضي الفلاحية التونسية ويتم استغلالها استغلالا عصريا بالانتفاع بالإعفاءات الضريبيّة
وستكون النتيجة هو اكتساح السوق المحلي أولا، وهنا يندثر متوسطو الفلاحين وصغارهم الذين سيتحوّلون بالضرورة إلى مجرّد عمال زراعة لدى الأجنبي، وهذا يعد أكبر مس بالسيادة الوطنية واضمحلال لما يسمى بالجلاء الزراعي الذي تمّ في 12-05-1964.
ويعود الاستعمار بآليّات جديدة وهنا تصبح مطمورة روما تابعة للأجنبي وينعدم الأمن الغذائي،لأنهم سيتحكمون في قوتنا اليومي.
والسؤال المطروح هو: لماذا تتّبع أوروبا سياسة حماية لفلاحتها في حين نتخلى نحن عن أمننا الغذائي للأجنبي ونصبح شعبا استهلاكيّا مائة بالمائة.
لهذا أعتبر أنّ الاتفاق الجديد يسمى فعليا اتفاق الاستعمار الشامل والمعمق للاتحاد الأوروبي بتونس.
الفاضل الحرباوي (كاتب عام النقابة الوطنية للمهندسين المعماريين التونسيين)
«على الحكومة إصلاح وإعادة هيكلة العديد من القطاعات »
اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق التي انطلقت باجتماع 18 جوان 2014، والذي تنوي الحكومة إبرامها مع الإتحاد الأوروبي ستكون بمثابة الكارثة على الاقتصاد التونسي فتكون عاقبتها وخيمة كما كانت بسبب اتفاق التبادل الحر الذي سبق أن أبرمه بن على معه سنة 1996 في مجال الصناعة، حيث تم ضرب الصناعة المحلية الناشئة في العمق. إذ أفلست المئات من المؤسسات المتوسطة والصغرى وبضعة عشرات من المصانع الكبرى وذلك لعدم قدرتها على المنافسة والصمود أمام الشروط والترتيبات الغير عادلة. كما أن غياب البنية التحتية اللازمة والتكوين الأمثل وعدم التساوي في الأداءات والمصاريف وتحديد مواصفات على مقاس الأجانب رجحت الكفة لفائدتهم وزجت بمؤسساتنا الوطنية في عديد الصعوبات أدت ببعضها إلى الإفلاس والغلق.
كان من المفروض تقييم المرحلة السابقة والتدقيق في نتائجها ومسبّباتها للتعرف على أصل الداء ثم البحث عن الحلول الكفيلة لمعالجته، عوضا عن الشروع في مناقشة بنود اتفاقية أخرى ستشمل كل بقيّة القطاعات بما في ذلك الفلاحة والخدمات بكل مكوّناتها من المهن الحرة وغيرها في كل المجالات. إذ أنّ استخلاص العبر من التجارب السابقة وتشخيص الاخلالات بها ضرورة وواجب حتى ننقذ اقتصادنا من هزات جديدة، ففتح بقية المجالات والصفقات العمومية وغيرها أمام الشركاء الأوروبيين وبشروط ومواصفات صيغت من قبلهم وعلى مقاسهم لا يمكن أن تكون سوى امتصاصا لبطالة إطاراتهم وبحثا عن أسواق جديدة لأصحاب المهن الحرة لديهم.
إنّ سياسة الابتزاز وتغليب المصالح الذاتية التي ينتهجها الإتحاد الأوروبي تجاه مستعمراته السابقة بضفة المتوسط لا يمكن إلا أن تخلف المزيد من البطالة والفقر والآفات الاجتماعية والاحتقان تجاهه وتجاه الأنظمة العميلة له وبالتالي المزيد من الهجرة غير الشرعيّة والإجرام والإرهاب.
على الحكومة حسن ترتيب الأولويات والشروع في إصلاح وإعادة هيكلة العديد من القطاعات قبل التفكير في خوض مثل هذه المغامرات. إنّ قطاع الهندسة المعمارية والتعمير وبقية القطاعات الهندسية تشكو بطبيعتها من عدة صعوبات ناجمة أساسا عن تهميشها من قبل الحكومة وعدم إيلائها العناية التي تستحق. كما أنّ تدهور منظومة التعليم العالي والتكوين وانهيار مستوياتها لا يمكن لمؤسساتنا ولمكاتب الدراسات من منافسة نظرائهم الأوروبيين إذا ما اكتسحوا السوق المحلية، زد على ذلك عدم المساواة بيننا وبينهم في مختلف الآداءات والمصاريف والتجهيزات والبرامج الإعلامية وغيرها، إضافة إلى ضعف مختلف البنى التحتية المتعلقة بالمجال ومختلف الشروط والمواصفات الموضوعة على مقاساتهم ووفقا لأهوائهم ( تكوين موجه، تأمينات مختلفة، برمجيات إعلامية أصلية، مواصفات «إيزو» معينة…). وتجدر الإشارة إلى أنّ تفاقم البطالة بقطاعاتنا يحتّم على الحكومة البحث عن أسواق جديدة ولا فتح مجالاتنا للأجانب، فعلى كل الهياكل المهنية والجمعيات والهيئات الوطنية الممثلة لمختلف القطاعات المعنية بالمسألة التصدي لمشروع الإتحاد الأوروبي إن كانت ترغب في خدمة منظوريها بصفة جادة وفي مصلحة اقتصاد البلاد.
رغم هذا التضارب في الآراء إلاّ أنّ الاتحاد الأوروبي وتونس دخلا في مفاوضات رسمية حول «اتفاقية تبادل حر شامل ومعمق» منذ أسبوع، وستدوم هذه المفاوضات سنوات، حسب وزير التجارة التونسي رضا لحول، ففي الوقت الذي أعلن فيه بعض من هؤلاء الخبراء الاقتصاديون معارضتهم للاتفاقية، معتبرين إياها مضرة باقتصاد البلاد فقد بدأت تونس والاتحاد الأوروبي مفاوضات رسمية للتوصل إلى «اتفاقية تبادل حر شامل ومعمّق» في خطوة تعتبرها أوروبا «إشارة قوية» على دعم الديمقراطية التونسية الناشئة.
وقد أعلنت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم التي تزور تونس، ووزير التجارة التونسي رضا لحول عن بدء هذه المفاوضات. حيث قالت مالمستروم في بيان «الاتفاقية الجديدة للتبادل الحر الشامل والمعمّق التي نطلقها اليوم، إشارة قوية جدا وعلامة على دعمنا لانتعاشكم الاقتصادي و لديمقراطيتكم الشابة».
وأضافت مالمستروم في هذا البيان «مثل هذا الاتفاق سيعطي دفعا لتنافسيتكم ويحسن نفاذكم إلى السوق الأوروبية، هذا من جهة، ثم إن وجود إطار قانوني قريب جدا أو مماثل لإطار الاتحاد الأوروبي سيحسّن مناخ الأعمال ، من جهة أخرى».
وقالت سيسيليا مالمستروم للصحافيين «ندرك أن هناك مخاوف (من الاتفاقية)، ولهذا يجب أن نعمل وبتعاون كامل مع الحكومة. كما يجب أن يكون هناك حوار مستمر مع الشركات التونسية والمجتمع المدني، والإجابة بشكل جيد عن الأسئلة» لإظهار أنه «ليست هناك أجندة سرية، وأن الاتفاقية ستكون مفيدة لتونس وستأتي بفرص اقتصادية».
:»مفاوضات على مراحل»
قال وزير التجارة التونسي للصحافيين إن بلاده طلبت من بروكسل، «قبل بدء المفاوضات» حول اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمّق «الأخذ بعين الاعتبار الفارق في التطور بين تونس والاتحاد الأوروبي» في المجالات الاقتصادية والتشريعية.
وأضاف أن هذه «المفاوضات ستكون على مراحل»، و»قد تدوم سنوات»، وأن بلاده ستؤخر التفاوض حول كل ما من شأنه أن يضر بمصالح تونس».
واستطرد في هذا السياق «في المنتجات الفلاحية (الزراعية)، لا نستطيع أن نتفاوض إلاّ إذا كان لنا دعم فني ودعم مالي من الاتحاد الأوروبي، وكانت لنا منتجات مؤهلة وقادرة على أن تكون لها القدرة التنافسية من حيث السعر والمنتوج (الجودة) لتدخل دول الاتحاد الأوروبي».
أهداف الاتفاقية:
تهدف «اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمّق» إلى «الحد من الحواجز الجمركية، وتبسيط وتسهيل الإجراءات الجمركية عبر تحرير تجارة الخدمات، بضمان حماية الاستثمار وتقريب القوانين الاقتصادية في عديد المجالات التجارية والاقتصادية»، حسب وثيقة وزّعتها بعثة المفوضية الأوروبية بتونس.
كما يذكر أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاقتصادي الأول لتونس، حيث تنشط اليوم نحو 3 آلاف شركة أوروبية تشغل حوالي 300 ألف شخص.
الأسعد الذوادي (مؤسّس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين والعضو بالمجلس الوطني للجباية وبالجمعية العالمية للجباية وبمعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا وبالهيئة التنفيذية بالمرصد التونسي لاستقلال القضاء)
«الفساد السياسي والإداري وفن استيراد الفقر والبطالة في اطار اتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي»
على ماذا سوف نتفاوض وماذا سوف نجني من اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق إذا كانت أغلب مهن الخدمات محررة بمقتضى نصوص تشريعية فاسدة نتيجة عدم تنظيمها بقوانين واستشراء الفساد السياسي والإداري وإذا كانت اغلب المهن غير مؤهلة بالنظر للتوصية الأوروبية المؤرخة في 12 ديسمبر 2006 والمتعلقة بالخدمات. فحتى البرامج المقترحة من قبل الاتحاد الأوروبي لاكتساب قطاع الخدمات قدرات تنافسية كاذبة وضحلة حيث ترمي إلى ربح الوقت وتفويت فرصة التأهيل على مهن الخدمات حتى تبقى متخلفة ومعدومة القدرات التنافسية. تلك البرامج الضحلة تجانب مشاغل المهنيين الذين غيبهم الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ مع السلطة الحاكمة التي يفرض عليها برامج مساعدة فنية ضحلة وتافهة يقوم بها أشباه خبراء من الجهلة الذين يؤتى بهم للنزهة والسياحة لا غير والذين يفرضون بطريقة فاسدة من قبل القائمين على تلك البرامج. فالأموال المرصودة لتلك العمليات الفاسدة يتم استرجاعها من قبل خبراء السياحة من أصحاب وأحباب القائمين على تلك البرامج التافهة في جميع المجالات ويكفي الاطلاع اليوم على التقارير المتعلقة بالتعاون بين الاتحاد الأوروبي وتونس والمنشورة من قبل الاتحاد الأوروبي بعنوان سنوات 2012 و2013 و2014 لمعرفة الكذبة الكبرى ومسرحية التأهيل السمجة. فالدارس لتلك التقارير الضحلة يكتشف أنها ملأى بالأكاذيب والمغالطات من قبيل تشريك المجتمع المدني وغير ذلك وهذا يكشف أنّ الاتحاد الأوروبي لم يغير الطريقة الفاسدة التي يتعامل بها مع السلطة الحاكمة التي تبقى مصالح الدولة التونسية والمهنيين من أخر اهتماماتها. الأتعس من ذلك كله أن تتجنّد أبواق الاتحاد الأوروبي داخل الوزارات والجمعيات المشبوهة والمتحيّلون من أصحاب أوكار سبر الآراء أو بالأحرى تزوير الآراء التي لا يؤطرها أيّ قانون لكي يصدعوا آذاننا بالمزايا التي سوف يجنيها قطاعا الفلاحة والخدمات من وراء اتفاق التبادل الحر الذي سوف يحيل الفلاحين على البطالة والفقر وأصحاب مهن الخدمات إلى خدم عند المؤسسات الأوروبية في أحسن الحالات بعد تدمير النسيج الصناعي.
رياض الزيّان (عضو مكتب تنفيذي بكنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية)
«اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمّق هي خلق لمواطن الشغل»
وقع في العديد من المناسبات تقييم لتاريخ الاتفاقيات المبرمة مع تونس وبالعودة إلى تلك الاتفاقيات نجد أنّ تونس قد ربحت الكثير من ذلك النسيج الوطني الصناعي.
إنّ لهذه الاتفاقية الفضل في تطوير والنهوض نسيجنا الصناعي اليوم وها نحن اليوم بصدد التفاوض في قطاعي الفلاحة والخدمات.
صحيح أنّ تحرير قطاعي الخدمات والفلاحة هي قفزة مصيرية إلاّ أننا نرى أنه بتأهيل القطاع الصناعي هناك أيضا تأهيلا لهذين القطاعين لنرتقي بهذه القطاعات إلى المردودية المطلوبة إفريقيّا وعالميّا.
لابدّ من التفاؤل لأننا قد نربح الكثير بفضل هذه الاتفاقية وذلك بتجنّب السلبيات التي يعيشها المواطن التونسي ولابدّ من رجال الأعمال والإدارة التونسية والسياسيين من ضبط السلبيات الحقيقية وعدم الانعطاف على التداعيات السياسية كما هو الأمر اليوم بترّهات احتلال تونس والاستعمار الاقتصادي علما وأنّ هذه الاتفاقية مازالت في بدء المفاوضات ولم توقّع بعد وقد تدوم لسنوات ونحن لسنا على عجلة من أمرنا نظرا وأنّ الشعب التونسي مدرك لما يريد وإلى ما يصبو.
بالتالي قمنا نحن كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية بسبر لآراء التونسيين لمعرفة سلبيات وايجابيات هذه اتفاقية وقد لاحظنا أن ايجابياتها أكثر من سلبياتها لأنّ السوق التونسية ضيّقة للغاية والوضع الاقتصادي مزر وعلى المؤسسة التونسية والمستثمر التونسي توفير مواطن للشغل لتفادي تضخّم نسبة البطالة علما وأنّ المؤسّسات العمومية لن تنتدب إلى سنوات طوال وبذلك يرتكز قطاع التشغيل على المستثمر التونسي الذي لا يستطيع أن يرتكز على السوق التونسية فقط بل نحتاج لسوق أكبر والسوق الأوروبية ستفتح لنا أكثر من مليار مستهلك فهو سوق أكبر بكثير.
إنّ دور السياسيين هو تسهيل الإجراءات الجمرقية والعلاقات مع الدول الأخرى فليس هناك منفذ آخر إلاّ بفتح أسواق أخرى فإذا لم نقم بأيّ مبادرة ما هو مصير تونس؟
لابدّ من خلق مواطن شغل التي بدورها تحتاج لأسواق، وآفاق الاتفاقية هي خلق لمواطن الشغل فمن هم بصدد نقد هذه الاتفاقية ليسوا على دراية كافية بمحتوى الاتفاقية التي بدورها ستفتح لنا السوق الأمريكية بشراكتها مع الاتحاد الأوروبي مؤخّرا وبانضمامنا لاتفاقية الاتحاد الأوروبي هو في حدّ ذاته انضمام للاتفاقية الأمريكية.
إنّ انهيار الاقتصاد التونسي والنسيج الصناعي راجع إلى عقلية الخمول وعدم احترام العمل والتشجيع على الزيادة في الأجور دون التأكيد على المردوديّة.