مكن التطور التقني في عالم الاتصال من كسر الحواجز والحدود بين مختلف بلدان العالم وتمكّن البشر من الاطلاع على إنتاجات كل البلدان وبكل سهولة في الميدان السمعي البصري واطلع على سياسة مختلف القنوات في تصنيف برامجها ولاحظ الفرق بين اتجاهات القنوات التجارية وجلها مشفرة والقنوات العمومية التابعة للمؤسسات الرسمية التي تراعي النظم الاجتماعية والتربوية العامة حسب الميثاق الأممي الانساني العام فكل هذه القنوات تعرض طيلة النهار وفي فترة الأولى من السهرة برامج تخلو من مظاهر العنف مهما كانت سواء معنوية أو مادية يغلب عليها الطابع الاجتماعي الهزلي أو البوليسي الذي يرتكز على التحقيقات أو المغامرات من صنف الخيال العلمي وتخضع لرقابة دقيقة تؤكد عدم تأثيرها على الأحداث وكم من خلاف اندلع بين المخرجين وقنوات تلفزية تبرمج أفلامهم في الجزء الثاني من السهرة بينما يرون أنتلك الأفلام خالية من أفكار معقدة ذات اتجاهات غير بريئة وهناك يمتثلون للقرارات الرسمية لأن الحضارة تفرض على الإنسان الامتثال للقانون وإذا اندلع خلاف هناك محاكم تنظر في القضايا وتبث فيها… وهناك رقابة مستمرّة على كل القنوات التلفزية بما فيها الجنسية تتابع كل صورة وكل كلمة وهذه هيئة تابعة لمصالح الدولة العليا وهي معروفة في فرنسا بنشاطها الذي لا يهدأ متى سجلت التجاوزات.
وفي بلادي ومنذ جانفي 2011 رفعت راية الفوضى في الميدان السمعي البصري قنوات تنشط بدون تصريح رسمي وتعرض ما يحلو لها تحت أي تصنيف ولا تعترف بالقوانين الاجتماعية والسياسية والأخلاقية أي هناك غابة ووحوش تلهث وراء أهداف تتنوع من شخص إلى آخر ويبقى الانسان العادي حائر أمام انحطاط عدّة برامج تشتمّ منها روائح كريهة لا يمكن أن تصنف لأنها تتمرّد على كل صنف وإذا انتشرت التلميحات الجنسية في بعض البرامج بشكل مخيف فالخوف من الخطوة التالية لأن القوم لا ينضبط ويتصرف تحت علامة (حرية الرأي والتعبير) وهذه بدعة فرضتها الفوضى وقلة حيلة السلطة في مقاومة التسيب وغض الطرف والإرغام على احترام القوانين… هناك استخفاف تام بكل المواثيق في المجال السمعي البصري تسانده أحيانا بعض المنظمات الاجتماعية بأسلوب النفاق وغض الطرف عن أسباب التدهور الحقيقي وهذه أيضا من سمات هذه المرحلة التي يغلب عليها طابع عين لا ترى وأذن لا تسمع ولسان أخرس وهذا ما ترك أصحاب المصالح أصحاب الضيقة تصول وتجول في الميدان عبثا وفسادا حسب نزوات منحطة.