جريدة الخبير

23/01/2023
جريدة الخبير, أخبار الاقتصاد التونسي
31140935
lexpert.tn@gmail.com

التعليم العالي الخاص بين إغراءات المتطفلين و حيرة …

 

 

التعليم هو النافذة التي تطل على العالم و من لا يعبر هذه النافذة فلا سبيل له ليفقه من الوجود شيئا، فالعلم هو العين الثالثة التي يبصر بها الإنسان معالم الوجود، هو السبيل الذي نرى من خلاله الأشياء و نفهمها و نفسرها.. و مع تنامي التطور و الدخول في عصر جديد، عصر العلم و التكنولوجيا.. فإنه لا سبيل اليوم للتقدم إلا بمواكبة هذا النسق السريع للعلوم..
كما انه لا يخفى عنا ما يدور في الساحات العالمية المحيطة بنا من تحول و تغير جذري في شتى الميادين، و لكن ما يهمنا من هذا التحول هو مجال التعليم العالي الخاص و هو ما سنبني عليه طرحنا هذا.

عموما

ينقسم التعليم بشكل عام إلى قسمين خاص وعام أو حكومي. والتعليم الخاص هو النشاط التعليمي الذي يتم تمويله عن طريق القطاع الخاص أو أنه يمكن لأي شخص تتوفر فيه الشروط الضرورية و اللازمة إفتتاح جامعة خاصة.

وينقسم التعليم الخاص بدوره إلى تعليم هادف إلى الربح، و تعليم غير هادف إلى الربح. والمؤسسات التعليمية الساعية علنا إلى الربح تكتسب الصفة التجارية و عادة ما تكون وعودها مجرد كلام فارغ، بينما يغلب على التعليم الخاص في أغلب الدول المتقدمة طبيعة التعليم غير الهادف إلى الربح.

تختلف أسباب الإلتحاق بالتعليم الخاص بدل العمومي من شخص لآخر فهناك من يرى أن التعليم الخاص أفضل من نظيره العام وذلك لعدة أسباب، إذ لا نجد في الجامعات الخاصة إضرابات للطلاب أو الأساتذة و هذا من شأنه أن يضمن للطالب فضاء للتعلم بعيد كل البعد عن المشاكل التي تعطل مسيرته الدراسية، كما أن الجامعات الخاصة توفر لطلبتها الحماية داخل و خارج الحرم الجامعي و هذا يزيد في الإقبال على هذه الجامعات سواء بطلب من الطالب نفسه أو بأمر من الولي الذي يرى صلاح ابنه ومستقبله في مثل هذه الجامعات. كما يختار البعض هذه الجامعات لما تتميز به من نجاعة و قوة في التعليم، فالجامعات الخاصة تملك بنية تحتية ممتازة جدا إذ توفر كل الأجهزة والتكنولوجيات العالية التي يتدرب عليها الطلبة داخل الجامعة. ومن الجامعات ما يوجد داخلها معمل مصغر يحتوي على كل الآلات التي يتدرب عليها الطلبة ليجدوا أنفسهم فيما بعد ملمين بذلك العمل دون الحاجة حتى لإعادة التدرب.

منذ سنة 2000 فتحت الدولة التونسية المجال للتعليم العالي الخاص وذلك من أجل التخفيض من نفقات الدولة على التعليم العمومي.

تطور عدد مؤسسات التعليم العالي الخاص من 10 مؤسسات جامعية سنة 2000 إلى ما يقارب 868 مؤسسة تعليم خاص سنة 2018

و حسب إحصائيات وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، وصل عدد مؤسسات التعليم العالي الخاص في تونس إلى ما يقارب أو يزيد عن 74 جامعة يدرس بها حوالي 32 ألف طالب.

آراء مختلفة حول التعليم العالي الخاص

كريم العباسي
عضو المكتب التنفيذي لاتحاد طلبة تونس.
يرى “كريم العباسي” عضو المكتب التنفيذي لاتحاد طلبة تونس أن عدد الجامعات الخاصة في تونس قد ارتفع كثيرا منذ سنة 2000 إلى سنة 2020 و هذا حسب رأيه بسبب المنحى الذي اتخذته الدولة التي تعاني من العجز المالي و الإقتصادي من ما اضطرها إلى منح الضوء الأخضر للمستثمرين الذين وجدوا في التعليم الخاص مصدرا يدر المال الوفير كما يرى أن خوصصة التعليم تحرم أغلبية الشعب من حق التعليم خاصة الفئات محدودة الدخل.
خاصة و أن الدولة حاليا ليس لديها الموارد الكافية التي تسمح بانتداب و تشغيل الدكاترة و الأساتذة الجامعيين لذلك يتجه رجال التعليم إلى الجامعات الخاصة و ذلك ليس اختيارا منهم بل هي ضرورة أكرهوا عليها خاصة و أن الجامعات الخاصة لا تعطي اساتذتها نفس الأجر العالي الذي يتمتع به الأساتذة الحكوميين، كما فسر “كريم العباسي” الإقبال المتزايد للطلبة على التسجيل في الجامعات الخاصة بأنه راجع إلى سهولة التسجيل في تلك الجامعات التي تقبل الطلبة في أي مسلك يختارونه دون أن تشترط عليهم معدلا بعينه، أي أنهم يدرسون ما يريدون دون إشتراط معدل لدراسة مسلك ما.
كما أن هناك العديد من الجامعات التي تمارس نشاطها و هي غير معترف بها أصلا و مع ذلك تقبل الطلبة و تقوم بترسيمهم و تدريسهم و لكن الشهادة غير رسمية و غير معترف بها من قبل الدولة و هذا الأمر ليس سوى مهزلة، و في هذا السياق تم التحقيق العام الفارط في مخالفات قانونية وقعت في 7 جامعات خاصة و على ضوء هذا أخضعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التونسية جامعات خاصة إلى التدقيق بعد ثبوت مخالفات كشفها تقرير لدائرة المحاسبات الحكومية، الذي أكد عدم التزام تلك الجامعات بالترتيبات التي ينص عليها قانون التعليم الخاص.
تشترط الوزارة انتداب أستاذ في كل اختصاص تود الجامعة الحصول على تأهيل فيه قبل تمكينها من الترخيص إلا أن بعض الجامعات الخاصة لم تحترم هذا القانون فقد ذكر تقرير الهيئة الرقابية الحكومية أن هناك جامعات خاصة لم تلتزم بتوفير إطار تدريس ثابت بل اكتفت بعقود التدريس العرضية، كما تم منح 171 شهادة علمية في غياب بعض الوثائق المستوجبة لمعادلة الشهادات العلمية. كل هذه الإخلالات تجعل من الشهادة العلمية المسلمة من مثل هذه المعاهد بدون قيمة و بدون جدوى، و قد حدث و أُغلقت جامعة خاصة و ذلك بسبب عدم احترامها للقوانين المعمول بها و التلاعب بالأعداد في الامتحانات، و تسجيل طلبة أجانب دون وجودهم فعليا في تونس.
و قد قامت نقابات التعليم العالي الحكومي بحملة ضد “تغول التعليم الخاص” على حساب الجامعات الحكومية و ذلك بسبب ما يحدث من اخلالات في الجامعات الخاصة التي ضربت القيمة العلمية لشهادات الجامعات التونسية.
يرى “كريم العباسي” بأن التوجه العام للدولة أصبح يتجه أكثر فأكثر نحو الخوصصة من ما يُنذر مستقبلا بتخلي الدولة عن التعليم العام و دليل ذلك ارتفاع المؤسسات التعليمية الخاصة التي بلغت سنة 2019 ما يقدر ب72 مؤسسة جامعية، كما ارتفع عدد الخريجين بأكثر من الضعف من 3259 طالبا إلى 8522 طالبا.
كريم العباسي يرى أن الدولة تريد خوصصة التعليم مثلما قامت بخوصصة العديد من المؤسسات الأخرى كما يرى بأن الصورة النمطية التي تقول بقوة التعليم الخاص و نجاعته ليست إلا مجرد مغالطة و تضليل و يبقى التعليم العمومي هو الأقدر على خلق طاقات بشرية متميزة و ناجحة، فالشهادة المسلمة من الجامعات الحكومية أقوى و أفضل بكثير من الشهادات المسلمة من الجامعات الخاصة. يعتقد عضو المكتب التنفيذي لاتحاد طلبة تونس بأن التعليم العمومي قد تعرض لسياسة تدميرية و ذلك بسبب التوجه العام للدولة التي أصبحت تهمش التعليم العام، كما أن الدراسة في الجامعات الخاصة مكلفة جدا و المقبلون عليها تنطلي عليهم حيلة أنهم بمجرد التخرج و نيل الشهادة سيجدون أنفسهم داخل منظومة العمل، و لكن هذا الأمر خاطئ تماما و لا أساس له من الصحة فأكثر الفئات العاطلة عن العمل هي من خريجي القطاع الخاص فتلك الجامعات الخاصة تباشر عملها دون حتى الحصول على ترخيص من الدولة.

أحمد العبيدي
مدير إحدى الجامعات الخاصة
يرى السيد “أحمد العبيدي” أنه منذ الإستقلال تم التوجه إلى خوصصة قطاعي الصحة و التعليم ليس في تونس فقط بل في العديد من البلدان الأخرى على غرار “عبد الناصر” في مصر و “بو مدين” في الجزائر و العديد من البلدان الأخرى التي ركزت على الصحة و التعليم حيث تمت خوصصة التعليم والصحة و ذلك من أجل تخفيف الضغط عن الميزانية العامة للدولة و هذا فعلا ما وقع حيث فرضت الجامعة الخاصة نفسها سنة 1993 في البلاد ليشملها فيما بعد قانون التعليم العالي الخاص و يعترف بها، و هذا التوجه نحو خوصصة الجامعات جيد لعدة أسباب، أولها التخفيف من العبء الطلابي على الجامعات العمومية التي كانت تعاني قبل ظهور التعليم الخاص من ظاهرة الاكتظاظ التي تجعل من التعليم متدني الجودة لعدم ارتياح الأستاذ و كثرة الطلبة و عدم توفر وسائل الراحة التي تساعد على تلقي العلم، و بالتالي التعليم العالي الخاص لا يشكو من ظاهرة الاكتظاظ لأنه يوفر كل سبل الراحة للطلاب من أجل ضمان تحقق الإستفادة.
الجامعات الخاصة تهتم أكثر بالطلبة و تجتهد في إبتداع طرق مبتكرة من أجل ضمان حسن التلقين و حصول الفائدة لدى طالب العلم، فمثلا نجد جامعات تخصص قاعات للمحاكاة أي إعادة تمثيل عمل ما كما يحصل في الواقع تماما، مثلا محاكاة القضايا و هي تقنية موجودة في الجامعات الفرنسية و انتقلت إلى الجامعات التونسية، هذه التقنية “محاكاة القضايا” تضع الطالب أمام قضية و كأنه في محكمة حقيقية، فالقاعة المخصصة لهذا الغرض شبيهة تماما بقاعات المحاكم و تحتوي على هيئة المحكمة و الشهود و المتهمين، كما نجد من الجامعات الخاصة من يأخدون طلبتهم لزيارة المحاكم و مثل هذه الزيارات تزرع في الطلبة حب التخصص الذي اختاروه و من ثمت حب المهنة التي تصبح من خلال هذه الزيارات حلما يراود كل طالب من ما يدفع به إلى مزيد الإجتهاد و العمل من أجل النجاح و التخرج

و ممارسة المهنة، و هذه البادرة حكر على التعليم الخاص دون العام.
ما راج عن المؤسسات التعليمية الخاصة من ضمان العمل لطلبتها بعد التخرج خاطئ تماما، فما تقوم به الجامعات الخاصة هو السعي لضمان العمل للطالب و ذلك بإبرام عقود مع عديد المؤسسات لضمان التربصات كالبنوك و الشركات و غيرها… و هذه التربصات مجانية و هامة جدا إذ تمكن الطلاب من الإطلاع على كيفية سير العمل، و هذه التربصات تتيح للطلبة فرصة التعرف على أرباب العمل حيث يصبح ذلك التدريب بابا للطالب يمكنه لاحقا من العودة إلى تلك المؤسسة التي تدرب فيها قصد الحصول على عمل، و كونه كان متدربا في تلك المؤسسة فإن أرباب العمل فيها يملكون بالفعل فكرة مسبقة عن ذلك الطالب تخول لهم الحكم عليه وربما تشغيله فوريا إن كانت فترة تدريبه ناجحة، كما أن بعض الجامعات تربطها علاقات طيبة بعدة مؤسسات و بالتالي فإن تلك المؤسسات تأخذ بعين الإعتبار خريجي الجامعات المقربة منها فتوليهم الأولوية في التشغيل و هذا دون المساس ببقية المتقدمين للوظائف و احترام كل المتقدمين للوظيفة و المساواة بينهم.
حاليا الدولة تشجع على التعليم الخاص لأنها غير قادرة على توفير الجودة في التعليم العمومي بحكم الاكتظاظ الطلابي، كما أن الدولة تسعى إلى تخفيف الحمل عن الميزانية العامة و ذلك بسبب ضعفها.
المتعارف عليه أن التعليم العالي مكلف بالنسبة للطلبة و هذا الأمر خاطئ ذلك أن الطبقات تحت المتوسطة أصبحت تتجه نحو التعليم الخاص و ذلك لعدة أسباب نذكر منها إرسال الطالب للدراسة في كلية بعيدة جدا عن مكان إقامته و هذه الرحلة الدراسية في حد ذاتها مكلفة جدا ذلك أن الطالب سيضطر لاستئجار غرفة أو منزل زِد على ذلك مصاريف التنقل.

تقدم الجامعات الخاصة طرق دفع متنوعة خاصة للطبقات الضعيفة ماليا فتقوم بتقسيط مبالغ الدراسة على طول مدة سنوات الدراسة و ذلك مراعاة لضعاف الحال و تمكينهم هم كذلك من حق التعلم في الجامعات الخاصة التي عادة ما تكون قريبة و آمنة… و بهذا لم يعد التعليم العالي الخاص حكرا على الطبقات الميسورة أو المتوسطة بل أصبح شاملا للطبقات المتواضعة التي تسعى لضمان جودة التعليم لأبنائها.
قامت الدولة بعد الثمانينات بالتوجه نحو الخوصصة لما يمثله هذا القطاع من رفع الضغط عن مؤسسات الدولة العامة و ميزانيتها خاصة في مجالي التعليم و الصحة اللذان دخلا عالم الخوصصة مبكرا و لكن هذا بطبيعة الحال لا يعني أبدا أن الدولة تخلت عن التعليم العمومي بل على العكس فالدولة لا تزال تمول مؤسساتها التعليمية و هذا واجبها، و لكن هذا طبعا يثقل كاهلها خاصة مع تزايد الطلبة المقبلين على الجامعة باستمرار، و الدولة لم و لن تتخلى أبدا عن قطاع التعليم و انما خففت من الحمل بالسماح للجامعات الخاصة بالدخول في مجال التعليم، و تسعى الجامعات الخاصة دائما إلى تحسين جودة التعليم و الإهتمام أكثر بالطالب الذي يمثل مشروعا بالنسبة للجامعة الخاصة يجب أن تنجح في حسن تعليمه و تلقينه ليكون فيما بعد وجها من وجوه نجاحها، و توفر هذه الجامعات أساتذة ممتازين بالإضافة إلى ظروف دراسة جيدة، فالجامعة الخاصة ترى أنها مطالبة بالتفوق على الجامعات العامة و الإعتناء بالطالب أكثر من أجل جعله يزاحم و ينافس طلبة الجامعات العمومية، لذلك توفر الجامعة الخاصة الفرص السانحة و الدعم اللازم لطلبتها من أجل ضمان النجاح و التفوق و كل هذا بطبيعة الحال مرتبط بمدى إجتهاد الطالب و جديته

و إقباله على العلم و التعلم، أما الطالب المتخاذل فلا مجال لنجاحه سواء في التعليم الخاص أو العام.
تركز الجامعات الخاصة عند انتداب أساتذتها على كون طاقم التدريس مزاول للعمل المرتبط بتدريس مادة ما، فإذا كان الأستاذ الذي يدرس مثلا مادة الرياضيات موظفا بمصرف فإن هذا يكفل للطالب فرصة التتلمذ على يدي أستاذ ملم بالمهنة و خبير فيها من ما يجعل من عملية التعليم أكثر جودة و نجاعة خاصة على المستوى التطبيقي، ذلك أن مزاولة المهنة يمثل إضافة جيدة لملقنها من ما يفيد فيما بعد الطالب خاصة عند تطبيق تقنية المحاكاة التي تحدثنا عنها سابقا.

معز بن سعيد 

مكلف بالتواصل و الإعلام بإحدى الجامعات الخاصة

أفاد السيد معز بأن العديد من الجامعات الخاصة على قدر عال من الإستقامة و التنظيم، فالعاملين بالجامعات تحكمهم منظومة عمل محكمة إذ يتمايز العملة حتى في الأزياء فكل طاقم عمل و زيه الموحد، كذلك تجبر الجامعة الخاصة الطلبة على احترام الحرم الجامعي و تدفعهم أكثر نحو الإجتهاد و العمل، فالطالب الفاشل و غير المجتهد لا ينجح حتى في المؤسسات الخاصة لذلك تسعى الجامعات الخاصة لإيجاد طرق مبتكرة من أجل دفع طلبتها للنجاح و التفوق.

لم تتوقف الجامعات الخاصة عن العمل حتى في أوج جائحة الكورونا إذ حرص القائمون على هذه الجامعات على تطبيق توصيات وزارة الصحة بحذافيرها و ذلك حرصا على عدم تعطل مصالح الطالب و حتى لا تسقط منه سنة كاملة بدون فائدة، لذلك استمر العمل مع الحرص على سلامة الطلبة و العاملين بالجامعات الخاصة.

تحرص الجامعات الخاصة على حسن تكوين طلبتها لذلك توفر لهم فترات تدريب مجانية في شتى المؤسسات التي تؤهلهم فيما بعد لسوق الشغل. حيث أن المشغلين دائما ما يبحثون عن ذوي الخبرة،

و هذه التدريبات تكفل للطلبة التكوين السليم.

آراء الطلبة في التعليم الخاص

بعد أن تحدثنا لعديد الطلبة الذين يدرسون بجامعات خاصة وجدنا أنهم مجمعون تقريبا على أن التعليم العالي العمومي في تراجع متواصل فعلى حد تعبيرهم هناك الكثير لإصلاحه فيما يتعلق بالبرامج التعليمية وعدد الطلبة في كل قسم واختيار الأساتذة و الطرق البيداغوجية في التدريس.

بالنسبة لبعض الطلبة تمثل طرق التدريس في الجامعات الخاصة سببا رئيسيا للنجاح إذ لم تعد الدراسة مجرد إلقاء و تدوين بل أصبحت تعتمد على المشاريع التي يعمل عليها الطالب كامل السنة و هذه المشاريع عادة ما تكون تطبيقية و ليست مُجرّد نصوص تُكتب.

“عاصم أمين كيرا”

طالب حديث التخرج من التعليم العالي الخاص

يرى عاصم أن الجامعات الخاصة فرصة للإبداع و العمل و النجاح و هي على عكس ما يروج له البعض كونها تكتفي بالإستيلاء على أموال الناس دون أن تقدم لهم التكوين المطلوب، لتكون بذلك شهائد تلك المعاهد مجرد خرقة ورقية بدون فائدة ترجى، كل هذا يراه الطالب “عاصم أمين كيرا” مغالطة وكذب و افتراء فالدراسة في الجامعات الخاصة في رأيه و حسب تجربته الشخصية لا تختلف في شيء عن الدراسة في الجامعات العامة. يخير عاصم مزاولة دراسته في الجامعة الخاصة دون العامة و ذلك لما وجده من راحة في فضاء الجامعة الخاصة، فالجامعة العامة بالنسبة له فضاء للخصومات بين الأساتذة و الطلبة كما أن أساتذة التعليم العمومي يمكن أن يعبثوا بمستقبل الطلبة عن طريق إسقاطهم في العديد من المواد من أجل مسائل شخصية بحتة.

يتمتع الطالب في الجامعة الخاصة بأريحية كبيرة فكل التجهيزات و التكنولوجيات الحديثة التي يحتاجها متوفرة دون أدنى نقص و هذا يراه عاصم من الأسباب الرئيسية للتفوق والنجاح، كما أنه يؤكد بأن خوض الامتحانات يخضع للمراقبة الشديدة التي تحول دون غش الطلبة، و بذلك يكون النجاح في الجامعة الخاصة نجاحا وتفوقا عن جدارة وليست أموالا تدفع وغشا يمارس لنيل الشهادة، يرى عاصم في أساتذته القدوة و المثال فهم من خيرة المدرسين و المكونين في البلاد إذ تحرص الجامعة الخاصة على أن يكون لها طاقم تدريس محترم و محترم جدا وذلك من أجل ضمان التكوين الناجع لطلبتها.

التعليم العالي الخاص في عيون الاولياء

فضلا عن الطلبة، كان لنا حديث و حوار مع بعض أولياء الأمور الذين اختاروا الجامعة الخاصة بدل العامة لتكون فضاء يدرس به أبنائهم، ويرى الأولياء بصفة عامة أن في البلاد جامعات خاصة تفوقت على نظيرتها العامة لما تقدمه من جودة في الخدمات التعليمية و حماية للطلبة. أشاد الأولياء بالجامعات الخاصة من عدة نواح، خاصة كون الجامعة الخاصة تتعهد بحماية الطلبة و عدم إدخالهم في متاهات الإضرابات و المشاكل الشخصية مع الأساتذة و المديرين، كما أن الجامعات الخاصة تطمئن أولياء الأمور إذ يكون هناك تواصل على مدار فترة التعليم بين الولي وإدارة الجامعة، هذا التواصل يبقي الأولياء على إطلاع تام بوضعية أبنائهم، هذا عدى الإجتماعات التي تعقد بصفة دائمة بين إدارة الجامعة و الطلبة و المدرسين و أولياء الأمور…

سلبيات التعليم العالي الخاص

و لكن بطبيعة الحال هذا المجال كغيره من المجالات الأخرى لا يخلو من عدة نقائص

و هنات و من أهم عيوب التعليم الخاص كلفته العالية و هذا يقضي على مبدأ تكافؤ الفرص و المساواة بين الناس، فالقادر على التعلم في هذه الجامعات هم الفئات الميسورة ماديا دون غيرهم وأحيانا الفئات المتوسطة التي تحرم نفسها من عدة امتيازات في سبيل الدخول للمنظومة التعليمية الخاصة. بهذه الطريقة يصبح التعليم سلعة تباع لكل من له القدرة على شرائها، ومن لا يقدر على ابتياعها بطبيعة الحال سيحرم منها.

هذا من جهة، و من جهة أخرى يكرس التعليم العالي الخاص ظاهرة التفاوت الإجتماعي التي يتعمق فيها الإحساس بالحرمان، الحرمان من مستقبل زاهر يُخيل للبعض أنه حِكر على الدراسة و التعلم في المؤسسات الخاصة، هذه المؤسسات التي أصبحت ملاذا يتمناه كل طالب و كل ولي أمر لما تمثله من فرص نجاح تكاد تكون مضمونة على الأقل في بعض الجامعات.

هناك العديد من الطلبة الذين يرون في التعليم الخاص فرصة للانحلال و القيام بما يحلو لهم من أفعال خارج نطاق الأخلاق. فالجامعات الخاصة تعتمد في مداخيلها على الطلبة و بذلك يتخذ الطالب من هذه النقطة مركز قوة و تجبر ليفعل كل ما يحلو له. و الأساتذة بدورهم نادرا ما يعترضون على مثل هذه الأفعال خوفا من انقطاع الطلبة عن الدراسة بالجامعة، حيث أن الطاقات الطلابية هي مصدر رزق الجامعات الخاصة لذلك قد يستغل بعضهم هذه الميزة ليفعل ما يريد و هذا من أسوأ عيوب الجامعات الخاصة، و لكن بطبيعة الحال مثل هذه الأفعال لا نجدها في كل الجامعات.

وزارة التعليم الواطي….و المسؤول المسردك

عندما تقترن أخلاق بعض المسؤولين في الإدارة التونسية بالانحطاط و قلة التربية و اللامبالاة حين ذاك ندرك لماذا ساءت حالة الإدارة و تقهقرت المعاملات إلى الحضيض و هنا لا نعمم لكن ما حدث معنا في وزارة التعليم العالي و البحث العلمي من طرف بعض شبه الإطارات يجعلنا ندق ناقوس الخطر و نحذر الناس من غطرسة هؤلاء المتطاوسين الذين يجب التعامل معهم بيد من حديد لعلهم يثوبون الى رشدهم و يتخلون عن التحليق في السماء و يدركون أنهم في ذلك المنصب لخدمة كل المواطنين سواسية ….

توجهنا للوزارة المذكورة قصد إجراء تحقيق صحفي حول التعليم العالي الخاص فتم توجيهنا من طرف المكلفة بالإعلام بالوزارة إلى السيد منير معالي المدير المكلف بالتعليم العالي الخاص .. لكن للأسف هذا السيد المدير كان حاضرا بالغياب بقينا ننتظر مدة طويلة لحال مجيئه و ما زاد الطين بلة انه رغم علمه بوجودنا و الأسباب و صفتنا إلا انه تكبر عنا و رمقنا رمقة ازدراء و فتح باب مكتبه دون أن يكلف نفسه حتى الاعتذار و زد على ذلك أعلمته كاتبته أننا نترقبه منذ فترة إلا انه أصر على عدم مقابلتنا و أغلق باب مكتبه في وجهنا …

هنا نقول له و لأمثاله تواضع سيدي المدير لم نأتي لك لا للاستجداء أو الاستعطاف بل في مهمة رسمية كان من الاجدر بك أن توفر لنا المعلومة ( مش مزية ) وان تتخلق و تتعلم كيف تتصرف بأدب مع عامة الناس لأنك تتقاضى أجرا من مال المجموعة لتكون في خدمتهم لا أن تتكبر عليهم و تترك مكتبك لتتفسح ( ماهياش إدارة السيد الوالد ) ولو دامت لغيرك لما كنت انت هناك .

كان بالإمكان الاعتذار بكل لباقة و تخلق عن مقابلتنا بتعلة الانشغال بالعمل أو عدم دخول مثل هذه اللقاءات في صلاحيات عمله أو انه كان يمكن أن يكتفي بتوجيهنا إلى من يمكن أن يفيدنا. لكنه أبى و تعنت و تكبر علينا وهذا الصنيع إن دل على شيء فهو دلالة مطلقة على انه الشخص الغير المناسب في المكان المناسب.

سامي غابة

 

تنويه

من خلال زيارتنا لبعض الجامعات الخاصة في تونس دون الأخرى فإننا لا نقوم بإشهار لتلك الجامعات بدليل أننا حين تحدثنا من خلال الأسماء كان حديثنا عاما و ليس خاصا، إذ لم نخص به جامعات بعينها، كما أننا لم نقم بتفضيل جامعة على أخرى.. بل حافظنا على عدم الإنحياز إلى أي طرف أو جهة بعينها. مع العلم أننا زرنا العديد من الجامعات قصد الحديث إلى الطلبة أو المدراء و لكن لسوء الحظ لم نتمكن من محادثة الجميع ذلك أننا إما وجدنا المدير في إجازة أو أنه غير متوفر في ذلك الوقت.

بلال بوعلي

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *