جريدة الخبير

التشغيل في القطاع السياحي بين هشاشة القطاع وقانون مجلة الشغل

Capture d’écran 2016-03-18 à 12.08.27

مع الخبير الدولي في قانون وقضاء التحكيم الأستاذ الفضل بن علي

يعد القطاع السياحي ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني. ويبقى دوره رائدا خاصة في تحقيق التوازن المالي من العملة الصعبة. وهو ما يفسر جهود الدولة التونسية منذ عقود لدعم هذا القطاع والمحافظة على المؤسسات لمواصلة نشاطها من الناحية الاقتصادية وحفاظا على القدرة التشغيلية لهذا القطاع الذي اتسم بالهشاشة سنة بعد سنة.

فقد عملت المؤسسات السياحية منذ عقود على انتهاج سياسة تسويقية اتسمت بالموسمية نظرا لتركز اغلب الوحدات الفندقية على الشريط الساحلي. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى انتهجت المؤسسات السياحية فيما بينها المنافسة الشرسة على مستوى الأسعار مما أدى بها إلى العمل طيلة عقود مع أسواق متواضعة من ناحية القدرة على الإنفاق للسائحين. بالإضافة إلى عدم التوجه إلى بدائل للسياحة الشاطئية كالسياحة الثقافية على سبيل المثال. وهو ما يفسر تواضع المداخيل السياحية رغم الأعداد المرتفعة لعدد السائحين. وزاد في تعميق أزمة القطاع الوضع السياسي والاقتصادي والأمني بالأساس خاصة مع تواتر الأحداث الإرهابية التي زادت في الطين بلة وعمقت أزمة اغلب المؤسسات السياحية.

وبالتوازي مع طبيعة عمل القطاع السياحي تتجلى معضلة التشغيل بهذا القطاع. فبالرغم من العديد من الاتفاقيات الإطارية التي سعت في مجملها للحفاظ على الطاقة التشغيلية لهذا القطاع فان أحكام مجلة الشغل وخاصة فيما يتعلق بترسيم العملة بعد أربعة سنوات من العمل يضل هاجسا يؤرق أصحاب المؤسسات السياحية . فمن الناحية العملية يقر العديد من أصحاب النزل أن الحفاظ على العملة هو في صالح النزل باعتبار وان العديد من الحرفاء يتعودون على العملة وهو ما يضفي طابعا إنسانيا في المعاملات. ويسعى العديد من أصحاب النزل رغم الظروف المالية الخانقة إلى الحفاظ على اغلب العملة ويعد الاستغناء عن بعضهم حالات استثنائية.

إلا انه مع تعمق الأزمات المالية للمؤسسات السياحية من سنة إلى أخرى فان ترسيم العملة وفق أحكام مجلة الشغل أصبح عمليا من قبيل المحال. إذ كيف يمكن لمؤسسات سياحية يخضع العديد منها لقانون إنقاذ المؤسسات أن تحقق هذه الموازنة. فإذا كان القطاع السياحي يتسم بالموسمية فهل أن المنظومة القانونية الشغلية تمكن أصحاب المؤسسات السياحية من عقود تتوافق وطبيعة هذا القطاع. أليس عمليا يضطر المشغل لإنهاء عقود الشغل قبل نهاية الأربع سنوات عمل تجنبا لمعضلة الترسيم . أولا يلجا العديد منهم إلى اتباع آلية التشغيل الهش المعروفة بالمناولة والتي لم يتخذ فيها قرارات إلا بخصوص القطاع العام ليظل القطاع الخاص يرزخ تحت هذه المنظومة الاستعبادية. أليس جدير بوزارة السياحة ووزارة التكوين المهني والتشغيل البحث عن آليات جديدة متلائمة مع الطبيعة الشغلية للقطاع السياحي حفاظا على الآلاف من العملة المهددون بالطرد في أي وقت. هل سيظل التشغيل في القطاع السياحي رهين الموسمية والمناولة. إذا كانت هذه طبيعة القطاع السياحي فالأجدر إيجاد حلول عملية قانونية بالأساس تحقق الموازنة بين هشاشة القطاع السياحي والمحافظة على اليد العاملة.

index
أخبار الاقتصاد التونسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *