جريدة الخبير

الاقتصاد بدايته حلم و فكرة أوسطه التخطيط و الدراسة و آخره العمل و الانتاج و النجاح

يبدأ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬حلم‭ ‬يدور

في‭ ‬خلد‭ ‬الانسان‭ ‬و‭ ‬أمل‭ ‬يحدوه‭ ‬نحو‭ ‬الأفضل‭ ‬ثم

ينمو‭ ‬هذا‭ ‬الحلم‭ ‬فيبدو‭ ‬و‭ ‬فكرة‭ ‬وجدانية‭ ‬تتخمر

ثم‭ ‬تتوضح‭ ‬الرؤى‭ ‬بواسطة‭ ‬العقل‭ ‬المدبر‭ ‬فيبدأ

التخطيط‭ ‬و‭ ‬الدراسة‭ ‬و‭ ‬الالتزام‭ ‬المطلق‭ ‬بالعقل

و‭ ‬المنطق‭- ‬و‭ ‬تكتمل‭ ‬الدراسة‭ ‬الممنهجة‭- ‬و

ينطلق‭ ‬المشروع‭ ‬مجهزا‭ ‬جاهزا‭ ‬لبداية‭ ‬العمل‭ ‬قد

يتم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬مكاتب‭ ‬الدراسة‭ ‬و‭ ‬التقييم‭- ‬و

ينتقل‭ ‬المشروع‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الانجاز‭ ‬تحت‭ ‬أنظار

القائمين‭ ‬عليه‭ ‬و‭ ‬بإشراف‭ ‬و‭ ‬مجهودات‭ ‬الباعثين

و‭ ‬المهندسين‭ ‬و‭ ‬الخبراء‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬الحقيقة

يغضون‭ ‬الطرف‭ ‬أو‭ ‬يسهون‭ ‬على‭ ‬أهم‭ ‬عنصر

في‭ ‬المشروع‭ ‬الكلي‭ ‬ألا‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬الانسان‭.‬

الانسان‭ ‬الذي‭ ‬سيقف‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع

مهما‭ ‬كانت‭ ‬نوعيته‭ ‬و‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬اختصاصه‭.‬

الانسان‭ ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬الأساسي‭ ‬و‭ ‬الرئيسي

لكل‭ ‬مشروع‭ ‬و‭ ‬بدونه‭ ‬لا‭ ‬يستقيم‭ ‬الأمر‭ ‬و‭ ‬لا

تتوفر‭ ‬عناصر‭ ‬النجاح‭- ‬و‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬يكون‭ ‬هو

آخر‭ ‬من‭ ‬يسأل‭ ‬فيه‭ ‬اللهم‭ ‬إلا‭ ‬بعض‭ ‬العناصر

المسؤولة‭ ‬ذات‭ ‬الخبرة‭ ‬و‭ ‬المعرفة‭- ‬يتسلطون

على‭ ‬المشروع‭ ‬بقوة‭ ‬الدراية‭ ‬والمركز‭ ‬الإداري‭-‬

فيستقطبون‭ ‬العمال‭ ‬لسدّ‭ ‬الحاجة‭ ‬في‭ ‬العمل

دون‭ ‬فرز‭ ‬و‭ ‬دون‭ ‬دراسة‭ ‬و‭ ‬دون‭ ‬حتى‭ ‬اختيار

و‭ ‬توجيه‭ ‬و‭ ‬تحضير‭ ‬فيحشرونهم‭ ‬في‭ ‬المؤسسة

–تحت‭ ‬نظام‭ ‬التسخرة‭- ‬غير‭ ‬المعلن‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬هنا

يبدأ‭ ‬التردي‭ ‬المهني‭ ‬و‭ ‬العملي‭ ‬و‭ ‬تسوء‭ ‬حالة

المشروع‭ ‬و‭ ‬تفسد‭ ‬بعض‭ ‬برمجته‭ ‬و‭ ‬تفقد‭ ‬المسيرة

الانتاجية‭ ‬نشاطها‭ ‬المادي‭ ‬الذي‭ ‬يسمو‭ ‬بها‭ ‬إلى

نتيجة‭ ‬التفوق‭ ‬و‭ ‬الامتياز‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬بها‭ ‬آليا

إلى‭ ‬الربح‭.‬

ذلك‭ ‬لأن‭ ‬العامل‭ ‬و‭ ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬الأساسي

أدخل‭ ‬إلى‭ ‬المشروع‭ ‬برغبة‭ ‬منه‭ ‬سعيا‭ ‬وراء‭ ‬الكسب

و‭ ‬دون‭ ‬نفسية‭ ‬مجهزة‭ ‬و‭ ‬عقلية‭ ‬محضّرة‭- ‬و‭ ‬دون

إرادة‭ ‬منه‭- ‬لا‭ ‬يعنيه‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬و‭ ‬لا

تغنيه‭ ‬النتائج‭ ‬و‭ ‬لا‭ ‬يهمه‭ ‬فشلها‭ ‬من‭ ‬نجاحها‭ ‬–كل

همّه‭ ‬أن‭ ‬يقضي‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬و‭ ‬يرقبها‭ ‬بفارغ

الصبر‭- ‬متى‭ ‬تنتهي‭ ‬فينتهي‭ ‬الدوام‭ ‬العادي‭ ‬و

يغادر‭ ‬مقر‭ ‬عمله‭ ‬حاملا‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬نفسه‭ ‬بعض

الاشمئزاز‭ ‬و‭ ‬الكراهية‭ ‬لمسؤوليه‭ ‬المباشرين‭ ‬أو

لزملائه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لأسباب‭ ‬تافهة‭ ‬و‭ ‬غير‭ ‬واقعية

–‭ ‬و‭ ‬لكنه‭ ‬يراها‭ ‬أسباب‭ ‬مقنعة‭ ‬و‭ ‬كافية‭ ‬ليتهاون

و‭ ‬يتراخى‭ ‬بل‭ ‬يتمنى‭ ‬أن‭ ‬تتعطل‭ ‬كل‭ ‬آلات‭ ‬الانتاج

نكاية‭ ‬في‭ ‬صاحب‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬متعاليا

عليه‭ ‬متكبرا‭ ‬متجبرا‭ ‬لا‭ ‬يتواضع‭ ‬حتى‭ ‬لرد‭ ‬التحية

زيادة‭ ‬على‭ ‬همومه‭ ‬خارج‭ ‬العمل‭- ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬سيعاني

عند‭ ‬مغادرة‭ ‬موقع‭ ‬العمل‭ ‬و‭ ‬الانتاج‭ ‬معاناة‭ ‬كبيرة

في‭ ‬التنقل‭ ‬و‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مقره‭ ‬السكني‭ ‬و‭ ‬قد

يخسر‭ ‬الساعة‭ ‬و‭ ‬الساعتين‭ ‬في‭ ‬ترقب‭ ‬وسيلة

النقل‭ ‬سيكون‭ ‬داخلها‭ ‬متضايقا‭ ‬من‭ ‬الاكتضاظ‭.‬

إذا‭ ‬عاد‭ ‬منهوك‭ ‬القوى‭ ‬–فكر‭ ‬في‭ ‬غده‭- ‬و‭ ‬عند

الصباح‭ ‬يخسر‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ساعتين‭ ‬للوصول‭ ‬إلى

مقر‭ ‬عمله‭ ‬–فيصله‭ ‬متعبا‭ ‬منهوك‭ ‬القوى‭ ‬مهموما

مكدودا‭ ‬و‭ ‬يبدأ‭ ‬في‭ ‬نشاطه‭ ‬داخل‭ ‬بنفسية‭ ‬مرهقة

و‭ ‬روح‭ ‬متكسرة‭ ‬–‭ ‬فتختل‭ ‬بذلك‭ ‬موازين‭ ‬الانتاج

و‭ ‬تضعف‭ ‬الانتاجية‭ ‬و‭ ‬يتشنج‭ ‬المشرف‭ ‬على

العمل‭ ‬و‭ ‬يغضب‭ ‬المسؤول‭ ‬و‭ ‬ينهار‭ ‬صاحب

المؤسسة‭ ‬–‭ ‬و‭ ‬تبدأ‭ ‬معظلة‭ ‬الفشل‭-‬

و‭ ‬يبحث‭ ‬الجميع‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬التدهور

الانتاجي‭ ‬و‭ ‬التراجع‭ ‬الربحي‭ ‬و‭ ‬يدرسون‭ ‬الحالة

من‭ ‬كل‭ ‬نواحيها‭- ‬و‭ ‬ينسون‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله

و‭ ‬هو‭ ‬الانسان‭ ‬العامل‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬العنصر‭ ‬الأول

في‭ ‬الانتاج‭ ‬و‭ ‬العنصر‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬فإذا

تذكروه‭ ‬تذمروا‭ ‬منه‭ ‬و‭ ‬بيتوا‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬عقوبته

أو‭ ‬طرده‭- ‬و‭ ‬هم‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬أنهم‭ ‬قصّروا‭ ‬في

حقه‭ ‬حين‭ ‬حشروه‭ ‬حشرا‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬دون

أن‭ ‬يهيؤوه‭ ‬نفسيا‭ ‬و‭ ‬جسديا‭ ‬للعمل‭. ‬و‭ ‬دون‭ ‬أن

يبحثوا‭ ‬عن‭ ‬وضعه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬و‭ ‬يقدموا‭ ‬له‭ ‬ما

يدفعه‭ ‬للعمل‭ ‬الجدي‭ ‬و‭ ‬التفاني‭ ‬الصادق‭.‬

و‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفكروا‭ ‬مطلقا‭ ‬في‭ ‬ادميته‭ ‬و

انسانيته‭ ‬يلبسونه‭ ‬تهمة‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬الانتاج‭.‬

رفيق‭ ‬المختار

index
أخبار الاقتصاد التونسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *