في العهد البائد كان التونسي الذي يرغب في بعث مشروع أو الحصول على ترخيص يخضع لإجراءات إدارية معقدة و لكن يوجد دائما طرقا سهلة للحصول على مبتغاه , إذ يلجأ في بعض الحالات إلى الرشوة أو التوصل إلى من هو قادر على التدخل لفائدته لدى المصالح الإدارية المعنية لتبسيط الإجراءات و إقامة مشروعه , و يحصل في النهاية على التراخيص اللازمة حتى و إن كان ملفه يشكو نقصا في الوثائق أو لا تتوفر فيه الشروط القانونية .
أما اليوم و بعد ثورة الحرية و الكرامة فقد ظنّ المواطن الراغب في بعث مشروع أن عهد الرشاوي و التدخلات الفوقية و تجاوز القانون و المحاباة قد ولى وانتهى , و لكن الواقع هو عكس ذلك تماما و الدليل على ذلك هذه القضية المتعلقة بمواطن مهاجر عاد إلى بلاده و معه ما يلزم لإقامة مشروع مع شركاء إيطاليين و إليكم ما حصل له بعد أن أتم ملفه و قدمه إلى المصالح الديوانية التي رفضت تسريح بضائعه و آلاته دون تفسير و في تجاوز واضح للقانون حسب إفادة المعني بالأمر .
في قضية الحال مواطن تونسي مقيم بإيطاليا منذ 1999 عاد إلى أرض الوطن بعد سنوات قضاها في الغربة يعمل و يكافح من أجل تحسين مستوى عيشه و توفير مورد رزق لعائلته, و قد تمكن من جمع بعض المال و اشترى شاحنة (SEMI)نوع (ASTRA) وزن 40 طن و اقنع بعض المستثمرين الإيطاليين بالقدوم معه إلى تونس لإقامة مشروع و قد تم بالفعل تكوين ملف بالخصوص و أمام تباطؤ الإجراءات الديوانية عاد الإطاليون إلى وطنهم بعد طول انتظار و بقي السيد الأسمر قدور في أخذ و ردّ مع المصالح المعنية , و في النهاية جددت الإدارة العامة للديوانة موعدا له على أساس أن يحصل على التراخيص اللازمة و استغلال الشاحنة, إلا أن هذا المواطن طرأ عليه توعك صحي في الأثناء واخضع للعلاج بالمستشفى. و عند امتثاله للشفاء حضر لدى المسؤول بالإدارة العامة للديوانة و قدم شهادة طبية صادرة عن مستشفى عمومي بها عشرون يوما راحة إلا أن الإدارة المعنية رفضت تسليمه الترخيص بتعلة فوات الآجال القانونية و بقيت الشاحنة رابضة في مكانها دون أي موجب قانوني. و قد حاول منذ شهور التوصل إلى إلى حلّ و لكن دون جدوى.
و قد اتصلنا من ناحيتنا بالإدارة العامة للديوانة و لإستجلاء الأمر فيما يتعلق بالملف 426 و هو ملف السيد الأسمر قدور إلا أن الإدارة رفضت الإدلاء برأيها حول هذا الملف رغم محاولاتنا العديدة . و السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن أن توأد مثل هذه المشاريع دون سبب قانوني وجيه و دون العمل على إيجاد حلول تكفل حقوق المواطن و حقوق الدولة ؟
متابعة رياض السهيلي