يتضح مع الأيام أن كثرة الأحزاب هي مجرد أرقام لا طائل ورائها سواء الجديد منها أو التي تحاول التحرك من تحت الرماد في فترة الكساد السياسي لأن الأحزاب في بلادنا تنشط و تصدر البلاغات عند وقوع كارثة فتصحو و تتفنن في النقد و في إلقاء المسؤولية على السلطة بدون تفسير و لا تحليل لما وقع بل يظهر أنها لا تجتهد في البلاغات و كأنها مطبوعات جاهزة للنشر تذكرنا ببرقيات المساندة و المناشدة أي بكلمات سطحية ممزوجة فاقدة لأي معنى و يعود السبب الأصلي إلى تمسك البعض بتلبيب الحزب و الإصرار على التسيير بل إن جل الأحزاب تعرف بمن يشرف عليها و هنا تكمن النكبة الكبرى في الوسط السياسي ذلك أن هؤلاء لا يملكون ثقافة سياسية فهم يتصرفون بشكل رعواني يتحدثون عن التاريخ أي ما سمعوه عن الرواة و يبدون إعجابهم بهذا و كرههم بذاك و أجزم أن جلهم لا يعرف ما وقع منذ سنة 1952 إلى الآن و أسباب التحولات التي عرفتها البلاد بل أحيانا يتخذون المواقف عن الأجداد و الآباء و الأقارب و المعارف و أحيانا و هذا المؤسف لأسباب مرتبطة بالمصلحة الشخصية أي أن الأمية السياسية و الاجتماعية متفشية بشكل مفزع لأن من ينصب نفسه على رأس حزب لا يقرأ و لا يطالع الكتب و المجلات و يغوص في أعماق التاريخ لمعرفة نتائج تصرفات من سبقوه و تبقى الأمية كارثة الغرب حتى أن إحدى الإحصائيات كشفت أن نصيب العربي من القراءة ( سطر في السنة ) و كان لأشد أعداء العرب موشي ديان عبارة مريرة تهكم فيا العرب ( العرب لا يقرؤون…إن قرؤوا لا يتعلمون شيئا مما يقرؤونه و إن تعلموا سرعان ما ينسون الدرس الذي تعلموه…إنهم و باختصار أمة بلا ذاكرة) و هذا ما نعيشه و مع ذلك الكل يتشبث بالسراب و يخادع نفسه و يتظاهر بأنه يقوم بالواجب بينما في الحقيقة ( القائد الأعلى لنكبة جديدة في المستقبل القريب) و حان لوقت ليترك الورثاء الصف الأول للشباب صاحب أفكار نتمنى أن تكون إيجابية صالحة للقطع مع سلبيات الماضي البغيض و على أسس متينة و خاصة القطع مع هذه التجربة الفاشلة الغائصة في أعماق القرون الوسطى الملوثة بكل الفضائح مع جذب مغناطيسي نحو الأعماق بعد أن تبين للتغيير عدة سبل سواء نحو الخير أو الشر إلا أن الاتجاه سنة 2011 مال نحو السلبية المطلقة و العبث و الاستخفاف و الاستهتار و صورة البرلمان تلخص الأخيار السيئ الذي وقعت فيه البلاد…و لم يبق إلا إفساح المجال إلى الشباب الذي ينهل من عيون العلوم الحديثة بطرق سهلة تجعله يقطع مع الماضي القريب المثقل بأدران عهودا الماضي السحيق لأن الأحزاب الحالية مسئولة عن مصائب تتكرر و تتجدد و لا من مجيب…
