قدم رئيس الحكومة استقالته إلى رئيس الجمهورية بعد إجتماع إنعقد بين كل من رئيس الدولة و رئيس مجلس نواب الشعب “راشد الغنوشي” و أمين عام إتحاد الشغل نور الدين الطبوبي.
و كان رئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ قد أعفى وزراء حركة النهضة من مهامهم، و يبدو أن النهضة ترى هذا الفعل بمثابة تصفية للحسابات و لا يزيد عن كونه عبثا بمؤسسات الدولة.
و بما أن الفخفاخ تقدم باستقالته لرئيس الجمهورية فإن مهمة تعيين رئيس حكومة جديد تعود إلى رئيس الجمهورية دون غيره و ذلك حسب الفصل 89 من الدستور و هذا أمر جيد من ناحية عدم تعدد الأطراف السياسية التي من شأنها تعقيد عملية إختيار رئيس حكومة جديد و السقوط في مطبات المصالح الشخصية حيث أن كل حزب أو تيار يريد تكوين حكومة تكون تحت إشرافه و اختياره.
يبدو أن الوضع الراهن منوط برئيس الجمهورية الذي يعهد إليه الدستور بمهمة تكليف رئيس حكومة و حتى إن تم الإعتراض على هذا الأمر فإن غياب محكمة دستورية في البلاد يجعل رئيس الجمهورية وحده مسؤولا عن الإجتهاد و تأويل نص الدستور في صورة ما إذا كان غير واضح و صريح،
نحن في بلد قد كره الأحزاب و أصبح ناسه ينكلون بهم في كل مناسبة سانحة، لأن الصورة الكبيرة التي استقرت في أذهان التونسيين أن الأحزاب لا تعمل إلا لمصلحتها الخاصة دون اعتبار لمصالح البلاد و العباد.
و لكن من جهة أخرى يرى رئيس كتلة حركة النهضة “نور الدين البحيري” أن أمر تكليف رئيس حكومة جديد و إختياره ليس حكرا على رئيس الجمهورية بل يمكن لحزب النهضة تشكيل حكومة جديدة تكون من اختيارها و تحت إشرافها و هذا الأمر يدخلنا في متاهة تنتهي إلى حكومتين، حكومة تشكلها النهضة و تضفي عليها صفة الشرعية و حكومة أخرى يخترها رئيس الجمهورية حسب ما يكفله له الدستور… و بهذا نكون إزاء حكومتين كل منهما ترى في نفسها الشرعية في حكم البلاد و تسييرها، و عليه فمستقبل الحكومة الجديدة حكومتان واحدة بتكليف من رئيس الجمهورية و أخرى بتكليف من رئيس مجلس نواب الشعب، فأي مستقبل ينتظرنا؟ و من له القدرة على إتخاذ القرار الحاسم في هذا الموضوع من أجل تجنيب الدولة هذا الصدام الغريب، صدام الحكومات؟ هل سنشهد حكومتين تتناحران من أجل نيل السلطة و السيطرة على أواصر الدولة؟ أسئلة عديدة و كثيرة تتبادر إلى أذهاننا و لا تأبى إلا الخروج و نحن في حالة انتظار و تأهب لما ستؤول إليه الأمور بعد كل هذه الأحداث الصادمة.
بلال بو علي