في فترة ما قبل الاستقلال و قبل انتشار بدع مضخمات الصوت و الإذاعات و المناشير كان يطوف بالقرى « منادي « و يطلق عليه شعبيا « براح « ليعلن بصوت عال عن وقوع شيء مثل وفاة أحد الأشخاص أو بيع مواد غذائية بأسعار جد منخفضة مثل السمك الطازج أو عن ترسيم الشبان المدعوين للقيام بالخدمة العسكرية … أي هناك أحداث تتطلب التعريف بوقوعها .
ثم تطور الإعلان ليصبح علما خاصة مع انتشار أساليب الدعاية و أصبحت ميزانيات ضخمة ترصد في مختلف مجالات الإنتاج للتعريف بما يقدمونه فمثلا في هوليود تحدد ميزانية الإشهار مع الميزانية العامة لانجاز أي شريط و في تونس تطوّرت أنشطة الفضاءات الكبرى منذ وصول الشركة الفرنسية لتوزيع مختلف البضائع و التي تعتمد على قوة الإشهار فهي توزع دوريا مطبوعات تشير إلى التخفيضات الجديدة و هكذا و هذا علم يشير أن من يتوجه إلى ذلك الفضاء لشراء بضاعة معينة فهو و لا بد تستهويه أخرى و يشتري ما لم يفكر في اقتناءه و مع الأسف لم يقتنع جل العاملين في قطاعات في حاجة الجمهور إلى مفعول التعريف بما ينتجونه و يبقى التعامل مع الإشهار جد متواضع في جل الميادين و خاصة في عالم الفن و الثقافة و هنا يبدوا أن العاملين في هذا المجال يكتفون بإجراء مقابلة صحفية أو تلفزية أو إذاعية و في أحسن الأحوال يرسلون بلاغا إلى الإذاعات و إلى بعض الصحف… و هذا لا يكفي لأن ليس كل الناس يستمعون إلى إذاعات معينة أو يطالعون صحفا ما… و عندما لا يجد العمل الفني فإن أصحابه و بكل بساطة يلومون الإعلام و يلقون بفشلهم على كل أجهزة الإعلام.
ففي المنزه السادس توجد قاعة سنمائية و أمامها المركز الثقافي الذي أقامته الصين سنة 1986 و تكاد برامجها تكون لغزا فلا يوجد ما يشير إلى برمجة معينة تستهوي عابر السبيل و تجذبه لمشاهدتها.
و مهما تكون طبيعة النشاط الثقافي و الفني فلا بد من التعريف به و تكمن إمكانية النجاح في مدى قوة الإشهار خاصة و الناس يعيشون مرحلة تعددت فيها الإغراءات و يبقى النجاح المعنوي أمرا ثانويا لأن الجمهور هو الحكم الرسمي بعيدا عن التأثير الخارجي .
محمد الكامل