رسالة من الاعلامي عبد اللطيف بن هدية الي رئيس الحكومة
الوقوف الحقيقي هو الوقوف لوزارة التجارة…!
عين رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وزيرا للتجارة لا نطعن في كفاءته في ميدانه لكن للآسف لا يملك من الخبرة ما تؤهله لتقديم الإضافة صلب الوزارة، ما انجر عنه تدهور كارثي للميزان التجاري وانزلاق قيمة الدينار أكثر فأكثر، الى جانب الوضع الكارثي لميزان الدفوعات وانهيار المقدرة الشرائية، ارقام سوداء ساهمت في تدهور الاقتصاد الوطني جراء خيارات حكومية تنبني على الصداقة والمحاباة على حساب المصلحة الوطنية.
من جهة أخرى نلاحظ أولا تغيب وزير التجارة عن مهامه على غرار امضاء الاتفاقيات الدولية، ليترك مهامه لكاتب الدولة المكلف بالشؤون الداخلية، وهنا نتساءل اين وزير التجارة؟
ثانيا، رئيس الحكومة يدعو اللجنة الوطنية للتحكم في الأسعار والتجارة الموازية والتهريب، وهي لجنة بعثت سنة 2014، وكان من المفروض أن تلتئم بصفة دورية، وهنا نتساءل، لما يقوم رئيس الحكومة باستدعاء اللجنة في حين أنها مهمة من مهام وزير التجارة؟ …فأين وزير التجارة؟.
وبالتالي ندعو رئيس الحكومة إلى مراجعة خياراته، فتونس لم تعد تحتمل مثل هذه القرارات، خاصة أن وزارة التجارة تمثل شرايين الاقتصاد الوطني، فالوقوف الحقيقي اليوم هو الوقوف لوزارة التجارة…!
انيس الوهابي: خبير محاسب
وجب الحديث اليوم عن الخوصصة كهدف لتحسين الحوكمة
أولا لا يمكن اعتبار تونس بلدا صغيرا لا من حيث الحجم ولا من حيث التاريخ ولا من حيث الثروات، ثانيا أي إجراءات اعتمدت في قانون المالية للسنوات الفارطة والسنة الحالية من شأنها تطوير قطاع التصدير…في ظل عجز الميزان التجاري بقرابة 18 مليار دينار، أي عجز شهري يقدر ب1500 مليون دينار؟، ثالثا، ما العلاقة التي تربط قانون المالية لسنة 2019 بالمخطط الخماسي 2016-2021؟.
في الحقيقة لم يتم طرح خوصصة المؤسسات العمومية بصفة مثلى، لان السيد عفيف شلبي تحدث عن خوصصة اهم 10 مؤسسات كبرى الغير قابلة للخوصصة في حين أنها تتسبب في خسائر مالية هامة، حيث تمتلك تونس 223 مؤسسة عمومية من بينها، شركة تونسية لتربية الدواجن، رقم معاملاتها اقل بكثير من رقم خلاص أجور عمال الشركة.
من جهة اخرى، في قانون المالية لسنة 2018، انتظرنا 220 مليار من مرابيح المؤسسات العمومية، منها 200 مليار مرابيح البنك المركزي، و20 مليار مرابيح ناتجة عن 222 مؤسسة عمومية، ولكن بلغت الخسائر أضعاف المرابيح.
في ذات الإطار وفي مجال منظومة الدعم قامت الدولة بإدخال الشركة التونسية للكهرباء والغاز صلب منظومة الدعم، ما تسبب في خسائر قدرت بحوالي 2000 مليار دينار، لأن “الستاغ” تشتري الغاز بثمن أعلى من ثمن البيع، وكذلك الحال بالنسبة لشركة النقل، وهذا ما يدل على أن منوال الحوكمة في تونس لا يسير في الطريق الصحيح.
من جهة أخرى وفي مقارنة بالمؤسسات ذات الطابع الخاص، حيث تساهم الدولة فقط بنسبة صغيرة من رأس المال، نلاحظ ارتفاع هام في نسب المرابيح، وبالتالي يتمحور الحديث اليوم حول منوال الحوكمة وخيارات الدولة، أمام عدم وضوح الرؤية وإخضاع المؤسسات العمومية الي العامل الاجتماعي، الذي هو في الأساس من مشمولات الدولة لا المؤسسة، وبالتالي وجب الحديث اليوم عن الخوصصة كهدف لتحسين الحوكمة.
الحكومة لا تقدر أن تشتغل على 100 أو 50 أو 60 نقطة بل يجب أن تشتغل على اولويات لا على الكثرة، كما يجب أن تشتغل على تفعيل القوانين المطروحة.
وبالتالي كان من الأجدر أن تشتغل الحكومة على الارتقاء بنسبة النمو لأن نسبة 3% لن تفتح ابواب تطوير الاقتصاد الوطني وبنسبة أقل من 7% لا يمكن الحديث عن التطور والتطوير.
هناك دراسات تبرز أن الانتقال الديمقراطي والسياسي في تونس ناجح على كل الأصعدة لكن في تونس لازال الطريق طويل، ولن نتجاوز ذلك إلا بالانطلاق في العمل.
الصادق جبنون: استشاري في استراتيجية الاستثمار
قانون المالية لسنة 2019 قانون ” هدنة جبائية وسياسية ”
نعني باستراتيجية الاستثمار تحديد كيفية الاستثمار والتقنيات الملائمة لهذه العملية و كيف نستثمر بطريقة توفر اكثر نسبة من الأرباح مقابل أقل نسبة من المخاطر.
اعتقد أن مجلس التحاليل الاقتصادية بعث لتعويض ولو جزئيا المجلس الاقتصادي والاجتماعي، بالاشتراك مع عديد المجالس على غرار مجلس التنمية المستدامة ومجلس الحوار الاجتماعي، وما إلى ذلك، خاصة أن قانون المالية للسنة الحالية جاء بعد قانون المالية لسنة 2018، الذي تميز بارتفاع هام للضغط الجبائي إلى درجة ” الشطط الجبائي”، وبالتالي يعتبربالمقارنة قانون المالية لسنة 2019، قانون ” هدنة ” جبائية وسياسية تمهيدا للوصول إلى الانتخابات بأقل الأضرار الممكنة.
ومن ذلك بعث مجلس التحاليل الاقتصادية، لتقديم مقترحات من باب” حزمة ” تحفيز اقتصادي، وفي الحقيقة يحتوي تقرير المجلس على عديد النقاط الإيجابية وعديد النقاط التي تستوجب نقاشات اوسع، في إطار توحيد الرؤى الاقتصادية والإدارية خاصة، لان مشكل الاقتصاد الوطني يرتبط أساسا بمشكل إدارة الاقتصاد، اي مشكل ” بيروقراطي بالأساس”، وبالتالي لا بد من السير على منوال بعض الدول ذات التجارب المشابهة من حيث النجاعة الاقتصادية لا من حيث الحجم، منها سنغافورة مثلا، وما نخشاه اليوم في ظل المناخ السياسي الانتخابي أن لا تؤخذ هذه الاستراتيجية بعين الاعتبار، وخاصة منها الإجراءات الجبائية.
من جهة أخرى لا يرتبط قطاع التصدير في تونس فقط بالمجال الجبائي بل بعدة عوامل أخرى من بينها رفع كل العراقيل أمام التصدير منها العراقيل الإدارية واللوجستية وأيضا من ناحية التمويل واهمها تشجيع الصناعة التونسية، مع الذكاء في التحكم في الواردات دون الدخول في نزاعات تجارية، للخروج من اقتصاد “ندرة واستهلاك وتوريد” الى اقتصاد ” إنتاج وقيمة مضافة وتصدير”.
لا ننكر الدور الهام للمؤسسات العمومية في الستينات والسبعينات، ولكن اليوم أصبحت تشكل كلفة على الميزانية، ولكن معظم السياسيين يتجنبون الدخول في نقاش حول خصخصة هذه المؤسسات تماشيا مع الوضع الراهن وضع ما قبل الانتخابات، نظرا لقوة النقابات وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أصبح اليوم فاعل من الفاعليين السياسيين في تونس.
ومن زاوية اخرى، تنقسم المؤسسات العمومية الى ثلاث أنواع، اولا المؤسسات الاستراتيجية التي لا يمكن أن نطرح موضوع خصخصتها في الوقت الراهن وفي الهيكلة الحالية للاقتصاد التونسي، منها الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه والشركة التونسية للكهرباء والغاز، ولكن هذا لا يمنع خصخصة وسائل التسيير وإدخال مفهوم المردودية والربحية في هذه المؤسسات.
وبالتالي يكمن الاشكال في عقلية السوق، لذا يجب ادخال جانب المردودية والربحية في الثقافة الاقتصادية التونسية للمؤسسات العمومية.
ثانيا نجد المؤسسات التي يمكن أن تستفيد من شراكات استراتيجية مع مؤسسات خاصة، في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، دون الذهاب الى الاستحواذ الكامل من طرف القطاع الخاص، نأخذ مثلا “تونس الجوية ” وحاجتها الملحة إلى شريك استراتيجي يساهم في حل جزء من مشاكلها، مع حسن اختيار هذا الشريك الاستراتيجي، لتقديم الاضافة من حيث التسيير والتكنولوجيا والربحية والتحكم في الرأسمال البشري والتحكم في تطور المؤسسة.
والنوع الثالث في المؤسسات العمومية والمساهمات العمومية، التي يعد بقاؤها في إطار الدائرة العمومية مثقل اكثر منه مفيد، نقصد مثلا مساهمات الدولة في البنوك الصغيرة.
وبالتالي هناك بعض المؤسسات التي يمكن احالتها الى القطاع الخاص، عن طريق طرح رأسمالها في السوق المالية لشفافية العملية، وفتح المجال أمام المستثمرين الأجانب لتحقيق توازن اقتصادي من شأنه تطوير الاقتصاد الوطني ، والخروج من ضغط الحسابات السياسية الضيقة مرورا الى إطار اقتصادي يخدم المصلحة الوطنية.
إذن المحرك الأساسي للاقتصاد التونسي هو قرار سياسي بامتياز، وما قام به مركز التحاليل الاقتصادية هي مبادرة تثمن من حيث الجانب العلمي وتجاوز الحواجز الموجودة بين مخلف المؤسسات والوزارات والإدارات وبين النظم القانونية، لكن ما يخيف هو عدم الوصول إلى نقطة التشريع القانوني وتفعيل التشريع، فهناك في تونس الأمر عدد 417 لسنة 2018، القاضي بتبسيط الإجراءات القانونية ولا أثر لتفعيله على أرض الواقع.
وبالتالي مقاومة البيروقراطية لا يعني تحويلها من الورق الى البيروقراطية الرقمية، وما قدمه مجلس التحاليل الاقتصادية هو نقطة انطلاق لمخطط تنموي مقبل، وتجنب المخططات العشوائية، حيث انطلقنا بمخطط تنموي خماسي ثم ثلاثي ثم أصبح ميزان اقتصادي ثم قانون مالية والى آخره من فوضى عارمة لا نتائج لها.
وبالتالي لا بد من إرادة سياسية قوية تقاوم البيروقراطية وغياب الحوكمة وتنتج منوال تنموي واضح من شأنه الارتقاء بنسبة النمو الى 4%، وكسب عامل الثقة في الاقتصاد التونسي لتشجيع الاستثمار، وهذا لن يتم إلا من خلال الاستقرار الضريبي والحد من عجز الميزانية.
زهير القاضي: مدير المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية
هدفنا القطع مع البيروقراطية ” المقيتة ” وتشجيع الاستثمار
تم انشاء مجلس التحاليل الاقتصادية منذ سنة 2015 و تم تفعيلة في شهر نوفمبر من سنة 2017، يتركب من 21 عضو، اتفق أعضاء المجلس على تقديم حلول اقتصادية من شأنها النهوض بالوضع الاقتصادي العام للبلاد، خاصة أن تونس بلد صغير واقتصاده ينبني بالأساس على مجالات معينة منها الخدمات والسياحة والنقل بنسبة 60% والفلاحة بنسبة 10%، والصناعة 30%والخدمات الغير مسوقة 10%، بناتج محلي إجمالي يقدر ب110 مليار دينار، اي 30 مليار أورو.
وبالتالي هامش التقدم في الاقتصاد التونسي كبير، مع العلم أن الفترة السابقة تتميز بالاشتغال على المدى القصير في ظل عديد الضغوطات، في حين ارتأى مجلس التحاليل الاقتصادية الاشتغال على المدى المتوسط اي سنة 2025، بأهداف مضبوطة منها الحد من العجز التجاري، والحد من تراجع الدينار و تطوير الصادرات، بهدف المرور بنسبة الصادرات من 35 مليار دينار الى 70 مليار دينار في حدود سنة 2025، والمرور من نسبة 18.5% من الناتج المحلي الى نسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي في ما يتعلق بمجال الاستثمار، مع مزيد التحكم في ميزانية الدولة والاسعار.
ومن ذلك تم تقديم جملة من الاقتراحات من قبل مجلس التحاليل الاقتصادية، اتخذت صلب قانون المالية لسنة 2019، الى جانب عديد الاقتراحات التي يمكن اتخاذها كقانون أفقي يشمل الانتعاش الاقتصادي .
كما تم اقتراح ميثاق للقدرة التنافسية حسب القطاعات تلتزم فيه الحكومة بمجموعة من الإجراءات الى جانب التزام القطاع الخاص كذلك بجملة من الإجراءات، في إطار حوار شامل يلزم جميع الأطراف باتباع المخطط المقترح، بما يساهم في تطوير كل القطاعات الاقتصادية وخاصة منها قطاع الصادرات.
من جهة أخرى يتكون مجلس التحاليل الاقتصادية من 21 عضو، بتمثيلية عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية و تمثيلية عن معهد الدراسات الاجتماعية الى جانب عدد من الخبراء الاقتصاديين، و تم تكوين عديد اللجان صلب المجلس كل لجنة تشتغل على موضوع معين، للخروج بجملة من المقترحات والإجراءات منها الحينية وأخرى على المدى المتوسط والبعيد.
من ناحية أخرى ناقشنا صلب مجلس التحاليل الاقتصادية، مسألة خوصصة المؤسسات العمومية ومسألة الدعم، حيث تأكد أن الإصلاحات في تونس عديدة ومتعددة وكلها إصلاحات ضرورية، لكن ماهي اولوياتنا؟، ويعتبر موضوع خصخصة المؤسسات العمومية ليس من المسائل الحينية، أما في علاقة بالشركة التونسية للكهرباء والغاز، فهي شركة مجبرة على شراء الغاز لتتمكن من توفير الطاقة الكهربائية.
اما في ما يتعلق بمنظومة الدعم فكان من المفترض أن يتم الترفيع في الأسعار تدريجيا، نظرا لكلفتها على ميزانية الدولة.
من زاوية أخرى اعتدمت تونس منذ سنة 2011 سياسية التشجيع على الطلب والاستهلاك، مع العلم أنه من الضروري اليوم الارتقاء بنسبة النمو من 2.6% الى مستويات ارفع، لذا ارتكزت طريقة عمل مجلس التحليل الاقتصادية على العرض، يعني إصلاح القطاعات المنتجة المتضررة، وفي كيفية الإصلاح خيرينا تقسيم ال100 نقطة الموجودة في التقرير الى ثلاثة محاور:
اولا، إجراءات أفقية لدفع الاستثمار والنمو تمس كل القطاعات.
و ثانيا، إجراءات قطاعية، مثلا تفعيل بنك الجهات، تقليص نسبة الفائدة بنقطتين في علاقة بتشجيع المؤسسات الصغرى، و إحداث دار المؤسسة في كل جهة. و ثالثا، إجراءات عامة.
وفي مجال تسهيل الإجراءات نذكر أن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، تحت إشراف وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي اشتغلنا على القطع مع البيروقراطية +الترفيع في مستوى النمو عن طريق الاستثمار والاستثمار الخاص.
حنان العبيدي