جريدة الخبير

السيد «عماد الدين بولعابة» إعلامي: الترابط الإجتماعي و الإنساني بين تونس و ليبيا

تعتبر العلاقة التي تربط تونس بليبيا علاقة جد متينة و قوية، يزيد في متانتها البعد الجغرافي و التاريخي و المجتمعي و المصلحي لكلا البلدين، و هذا باختصار هو التاريخ المشترك للجارتين. أما في ما يتعلق بالعلاقات الإجتماعية المعقدة و المغروسة في أرض الشعبين، فتعزز بقوة المكانة التفاوضية للشقيقين.

إذن تؤكد المقاربة الإجتماعية على التلازم بين مساري الأمن و الإقتصاد لكلا البلدين. و من أجل إعطاء محتوى سياسي و اقتصادي للعلاقة الحالية بين تونس و ليبيا، يجب توفر قيادات سياسية رشيدة و حكيمة و منتخبة ديمقراطيا للبلدين، بحيث تكون ذات إرادة سياسية قوية.. و يبدو أن هذا الأمر متوفر حاليا في ليبيا، و هو ما نستشفه من خلال الديناميكية الإيجابية و الإرادة الدولية لهذا البلد، و هي إرادة تسعى جاهدة لتقوية هذا المسار السياسي الديمقراطي في الدولة الليبية عبر تكوين حكومتها الحالية.

و في هذا السياق نتساءل عن كيفية توظيف هذه العلاقات الإجتماعية للمسار الإقتصادي؟ و هنا يمكننا التحدث عن الجانب التونسي، و تحديدا مسألة التقصير على المستوى السياسي في اتجاه توظيف هذا التاريخ و الإرث الإجتماعي بين البلدين، و هناك شخصيات تونسية دبلوماسية ذات تأثير كبير في ليبيا، كان لها صولات و جولات في هذا البلد، إلا أنها في الوقت الراهن لم تعد تستشار في وزارة الخارجية، هذا و لا يقع الاستئناس برأيها الراجح في العديد من المسائل.. و كان لنا سفير تونسي تمكن من تحقيق نجاح باهر في ليبيا و هو سفيرنا فترة التسعينات السيد «مبروك البحري» الذي تمكن من اقتحام كل القلاع في الشقيقة ليبيا سواء منها الإجتماعية أو الإقتصادية… فهذا الرجل كان حكيما و مقتدرا على المستوى الدبلوماسي و السياسي، و هو رجل ذو دراية كبيرة.

هذا و لنا نسيج اجتماعي و علاقات تاريخية بين تونس و ليبيا في الجنوب، تتبدى من خلال العلاقة القوية مع جبل نفوسة، الذي يشتهر أهله بالتجارة و الأفق الإفريقي رفقة منطقة الفزان و خاصة عاصمتها سبها.. و تمثل هذه المناطق مجتمعة القافلة التاريخية نحو العمق الإفريقي.

أما عن الأصل الأمازيغي فيشترك فيه أهلنا من جهة جربة، مع الجانب الليبي من جهة جبل نفوسة.. إلا أنه و للأسف الشديد لا يتم استغلال مثل هذا التوظيف! لذلك نتمنى أن يتم توظيف مثل هذه المعطيات بشكل إيجابي لصالح البلدين.

هذا و نؤكد بأن أية علاقة سواء كانت بين أشخاص أو دول، فإنها غير قابلة للنجاح و الإزدهار إلا في نطاق الإحترام المتبادل و المصالح المشتركة و العلاقات الندية، و بالتالي يجب عدم إدخال الخطاب العاطفي الصحفي أو الخطاب السياسي المؤدلج في العلاقات الحالية بين البلدين.

0 Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *