جريدة الخبير

23/01/2023
جريدة الخبير, أخبار الاقتصاد التونسي
31140935
lexpert.tn@gmail.com

لعجز الميزان التجاري تأثير سلبي على اتفاقية ” الأليكا ” خصوصا وعلى الاقتصاد التونسي عامة

أكد المنسق الجهوي لحزب البديل بسيدي بوزيد، فيصل الطاهري، في حوار لجريدة “الخبير”، أنه في حالة عدم الحد من عجز الميزان التجاري سوف يكون لاتفاقية ” الأليكا ” تأثير سلبي على الفئات الاجتماعية خصوصا وعلى الاقتصاد التونسي عامة.

ومن جهة أخرى، رأى فيصل الطاهري، أن ما يشهده الوضع الاقتصادي والاجتماعي من تدهور كارثي أدى الى حالة من الاحتقان الاجتماعي تلتها موجة من الاحتجاجات أثرت سلبا على نسق العمل والإنتاج وهو ما عمق الأزمة اقتصاديا واجتماعيا وأثر سلبا على الوضع السياسي في البلاد.

-كيف تنظرون الى الوضع السياسي في البلاد؟

يتّسم المشهد السياسي التونسي، في وقته الراهن، بالضبابية والغموض وهو نتيجة طبيعية في ظل تشتّت العائلة الوسطية عقب الثورة وامتداد ذلك على مدى السنوات الثمانية الماضية. ويظل مآل هذا المشهد السياسي مرهونًا بتجلِّيات مستقبل منظور قد يعاد فيه رسم الخارطة السياسية ومراجعة صيغ الائتلافات الراهنة باتجاه تشكيل تحالفات جديدة وجبهات انتخابية من شأنها تغيير الخارطة السياسية بعد الانتخابات المقبلة.

ولعل ما ساهم في تأزم الوضع السياسي في البلاد ما يشهده الوضع الاقتصادي والاجتماعي من تدهور كارثي أدى الى حالة من الاحتقان الاجتماعي تلتها موجة من الاحتجاجات التي أثرت سلبا على نسق العمل والإنتاج وهو ما عمق الأزمة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

-عدة أحزاب انطلقت في مساع لتشكيل جبهة سياسية انتخابية هل سيكون حزبك ضمن هذه الجبهة؟

عملية تجميع كبرى لعدد من الأحزاب السياسية ذات المرجعية الفكرية الوسطية المُشتركة، انطلقت بالنداء والمشروع وفُتحت على مكونات سياسية أخرى من بينها حزب البديل التونسي الذي أنتمي إليه، ومن المنتظر أن تُحدث هذه الجبهات الانتخابية تغييرا جذريا في المشهد السياسي التونسي.

حيث تكثّف نسق المشاورات في الفترة الأخيرة ومن المنتظر ان يتم الإعلان عن الحصيلة النهائية لما تم من نقاشات امتدت على أشهر قريبا لكن تبقى بعض النقاط تثير إشكالات بالنسبة لكل الأطراف الراغبة في الدخول الى هذا التحالف، ومن هم النقاط الخلافية تحديد شكل التحالف ومضمونه.

هذا وبادر حزب البديل بتقديم اقتراحات من شأنها ان تساهم في إخراج البلاد من الأزمة الحالية سواء اقتصاديا أو اجتماعيا أو سياسيا.

-حسب رأيكم ما هو موطن الخلل في الوضع الاقتصادي الذي أدى إلى انهيار الدينار وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن؟

لا شك أن تونس تقدمت بشكل كبير بعد 8 سنوات من ثورة 2011 على المستوى السياسي ونجحت الى حد ما في رسم ملامح الانتقال الديمقراطي، لكن تأخرت في المسار الاقتصادي وأصبحت تحتل مراتب سيّئة في كل التصنيفات الاقتصادية لجل المؤسسات المالية الدولية.

ولعل تراجع عائدات القطاع السياحي والصناعي وانخفاض الاستثمارات الخارجية كان لها سبب مباشر في تدحرج مخزون العملة الصعبة إلى مستويات قياسية بلغ آخرها (74 يوم توريد) ما سيجعل من الاقتصاد المنهك يواجه صعوبات قاسية.

ومن أخطر تداعيات هبوط مدخرات العملة الصعبة استمرار انخفاض قيمة الدينار المتلاشية وارتفاع حجم التضخم وتدهور المقدرة الشرائية وارتفاع أسعار واردات المواد الأولية، إضافة إلى المصاعب المتعلقة بسداد تونس ديونها أو توريدها المحروقات أو المواد الأساسية.

علما وأن الحكومة انتهجت سياسة المديونية اللامتناهية وفي الحقيقة تونس غير قادرة اليوم على مواجهة هذا العبء في الديون الخارجية والتي سيتواصل سدادها الى غاية 2055 وفقا للتقرير السنوي العام لدائرة المحاسبات في ديسمبر 2018.

هذا التراكم في الديون الخارجية لم يثمر نتائج إيجابية بل إن نتائج هذه القروض كانت دون المأمول إذ يشير تقرير دائرة المحاسبات لسنة 2018، إلى أن برنامج “سياسات التنمية المتعلقة بالحوكمة وخلق فرص ومواطن الشغل” الممول بقرض مبرم مع البنك الافريقي للتنمية لم يحقق الأهداف المتعلقة بتحسين التأطير بالجهات والشراكة مع القطاع الخاص في مجال التكوين واعتماد استراتيجية وطنية للتشغيل إذ لم يتم الحد من نسبة البطالة المرتفعة وتعود الأسباب الى نقص فاعلية البرنامج المعتمد باعتباره حامل لحلول ظرفية.

أوضاع اقتصادية هشة أمام عجز الحكومات المتعاقبة بعد الثورة أدت بالضرورة إلى تأزم الأوضاع الاجتماعية مما عمق من معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة الدخل وأشعل نار الاحتجاجات بكامل مناطق الجمهورية منادين بتحقيق مطالب ثورة “التشغيل والحرية والكرامة الوطنية”.

-هل نحن قادرون على الخروج من الوضع الاقتصادي الصعب؟

للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة لا بد من حلول عاجلة وأخرى آجلة ومن ذلك سعى حزب البديل التونسي برئاسة مهدي جمعة إلى تدارس الوضع الاقتصادي في البلاد مع ثلة من الكفاءات والخبرات السياسية والاقتصادية قصد الخروج برؤية واضحة تنقذ البلاد من أزمتها الحالية، وتطرح سبل تجاوزها وفق الحلول العملية الممكنة.

ولعل من أهم الأولويات اليوم إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بالتعويل على القدرات الذاتية وفرض الشفافية في استغلال الثروات الباطنية ومراجعة العقود المجحفة المبرمة مع الشركات الأجنبية بما يخدم المصلحة الوطنية، الى جانب الحد من المديونية اللامتناهية وخلق آليات واستراتيجيات بديلة تمتص الغضب الشعبي وتوقف موجة الاحتجاجات وترسّخ مبدأ العمل إذ راهن حزب البديل على إكساب الخبرة للشباب في مجال جمع الاموال وإقامة المشاريع، وتحقيق مبدأ تكافئ الفرص على أرض الواقع.

 -ماهو تقييمكم لأداء حكومة يوسف الشاهد ؟

بات جليا للجميع الفشل الذريع لحكومة يوسف الشاهد في احتواء الاحتقان الشعبي الثائر ضد الخصاصة والفقر والتهميش والبطالة، إذ عصفت دوامة الأزمة الاقتصادية والإجراءات الارتجالية المتسرعة للحكومة بما تبقى من ثقة الشعب التونسي في الحكومات المتعاقبة بعد الثورة وعلى الخصوص حكومة الشاهد خاصة بعد إقرارها رفع أسعار المحروقات وما ترتب عليه من ارتفاع في كلفة الإنتاج، وانهيار للمقدرة الشرائية للمواطن، وارتفاع منقطع النظير في الأسعار.

وهو ما ساهم في تدهور وضعية الطبقات الاجتماعية الهشة والفقيرة التي ازدادت فقرا، نتيجة سياسات حكومة ” النهضة – الشاهد”.

وبالتالي يوسف الشاهد اليوم في موقف لا يحسد عليه ويبقى كل الخوف من التجائه الى أساليب دكتاتورية ملتوية لضمان فوزه في الانتخابات القادمة التي من المفترض ان يدخلها الشاهد كمرشح للرئاسية بعد ان أعلن حزبه ” تحيا تونس” اعتزامه رسميا ترشيحه لرئاسية 2019.

-كشفت تقارير دائرة المحاسبات مواطن الفساد في الدولة ولكن بقيت حبرا على ورق دون أن تكون هناك لا محاسبة ولا اصلاح، ما هوموقفكم من ذلك؟

الفساد في تونس تغوّل واستعظم حتى طال جل القطاعات وهو ما كشف تقرير دائرة المحاسبات وبالتالي لسائل أن يسأل عن جدوى التقارير السنوية وعن الإجراءات التي ستقررها الحكومة التي اتخذت من محاربة الفساد شعارا لها خاصة وأنّ عشرات التقارير الصادرة عن دائرة المحاسبات لم تكن دافعا كافيا في محاربة الفساد وسوء التصرف.

حيث كان من المفترض بعد إصدار تقرير دائرة المحاسبات وتسليمه للرئاسات الثلاث أن تتم إحالة الملفات على القضاء في حال وجود شبهة فساد أو إهدار للمال العام أو أخطاء تصرف ترتقي إلى مرتبة الجناية.

وكان من المفروض أيضا إحالة ملفات أخرى على الهيئة العليا للرقابة المالية والإدارية التي تضطلع بدور متابعة مدى التزام المؤسسات التي تمت مراقبتها بتدارك وإصلاح الأخطاء المنصوص عليها في التقرير.

كل هذه الإجراءات بقيت في فعل “السكون” ولم يتم تفعيل ولا جزء بسيط منها لتبقى شعارات محاربة الفساد شعارات شعبوية فضفاضة من باب الضحك على الذقون، دون أن أوجه اتهامات أخرى لأي طرف.

-أشهر قليلة تفصل تونس عن استحقاقات 2019 كيف نضمن حسب رأيكم نزاهة الانتخابات؟ وماهي اقتراحاتكم لمكافحة المال السياسي الفاسد؟

لضمان نزاهة الانتخابات ومكافحة المال الفاسد لا بد أولا من عدم استغلال موارد وأجهزة الدولة في الحملات الانتخابية وهذا موجه أساسا لحركة النهضة ويوسف الشاهد والأحزاب المشاركة في الحكم بما أنها تدير اليوم شؤون الحكم في البلاد وستكون وفق أغلب التوقعات معنية بالمشاركة في هذه الانتخابات.

-برنامجكم الانتخابي وأهم النقاط المطروحة؟

من أهم النقاط الأساسية في البرنامج الانتخابي الجهوي لحزب البديل بسيدي بوزيد:

  • النظر في المشاريع المعطلة
  • ملف عمال الحضائر
  • اصلاح الإدارة
  • التنمية الجهوية

-لماذا كل هذا التخوف من اتفاقية ” الأليكا”

 اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق تتمثل أساسا في ادماج المنتوجات الفلاحية والصناعات الغذائية ومنتجات الطاقة والمحروقات ومنتجات الصناعات المنجمية والفسفاط ومنتجات الخدمات التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد التونسي صلب اتفاقية التبادل الحر والشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي.

وهو ما أثار جدلا واسعا حول تداعياتها على تونس حيث تعتبر الاتفاقية متنفسا للسلع الأوروبية وهو ما يجعلنا نتساءل حول ان كانت تونس ستصمد أمام المنافسة الأجنبية؟ خاصة أن قطاعي الفلاحة والخدمات يعتبران من اهم القطاعات في أوروبا ويشهدان تطورا ملحوظا وبالتالي المنتجات التونسية لن تصمد في منافستها مع الاتحاد الأوروبي مما سيؤدي الى خسائر جد فادحة مثلما حصل سابقا في إطار تبادل حر وشامل في القطاع الصناعي على سبيل المثال مجال ” النسيج”.

ولا يخفى على أحد أن القطاع الفلاحي في تونس يساهم بحوالي 30% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن ان لم يتم الحد من عجز الميزان التجاري سوف يكون تأثير اتفاقية ” الأليكا ” تأثيرا سلبيا على الفئات الاجتماعية خصوصا وعلى الاقتصاد التونسي عامة.

وبالتالي في حال إصرار الحكومة التونسية على امضاء هذه الاتفاقية فلا بد لها من أن تفرض شروطا من شأنها ضمان الحد من العجز التجاري وضمان عدم تقهقر الإنتاجية التونسية.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *